للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[رواية جابر بن سمرة لقصة رجم ماعز بن مالك الأسلمي]

قال: [وحدثني أبو كامل فضيل بن حسين الجحدري حدثنا أبو عوانة - الوضاح بن عبد الله اليشكري - عن سماك بن حرب عن جابر بن سمرة قال: (رأيت ماعز بن مالك حين جيء به إلى النبي صلى الله عليه وسلم) -والقصة التي مضت هي قصة ماعز - وهو رجل قصير أعضل)] أعضل أي: صاحب عضلات مفتولة، رجل قوي شديد الخلقة.

قال: [(ليس عليه رداء)] الرداء: هو ما يلبس في أعلى البدن، والذي يلبس في أسفل البدن يسمى الإزار.

قال: [(فشهد على نفسه أربع مرات أنه زنى)] فالذي يقول: لا بد من الإقرار أربع مرات يقف عند هذا الحديث ويستشهد به.

قال: [(فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فلعلك؟)] أي: اختصر.

والمقصود: لعلك قبلت أو فاخذت أو لامست.

وقد ساقه أبو داود في سننه صريحاً.

قال: [(قال: لا والله! إنه قد زنى الأخر)] الأخر يعني: الأرذل أو السفيه أو الأبعد أو الغشيم، فهذا رجل يدعو على نفسه، وهكذا كان العرب إذا وجهوا سؤالاً عن أنفسهم واحتقروا أنفسهم بوقوعهم في معصية أو ذنب قالوا ذلك، كما جاء عن الرجل الذي أفطر في نهار رمضان بسبب جماع أهله، فقال: (يا رسول الله! هلك الأبعد -يقصد نفسه- قال: وما ذاك؟ قال: وقعت على امرأتي في نهار رمضان.

قال: هل عندك رقبة؟ قال: لا.

قال: فصم شهرين متتابعين.

قال: وهل أوقعني فيما وقعت فيه إلا الصيام، لا أقوى على الصيام.

قال: أطعم ستين مسكيناً.

فقال: لا أجد يا رسول الله! فدخل النبي بيته وأتى بمكتل عظيم ممتلئ تمراً فأعطاه إياه وقال: أطعم منه ستين مسكيناً.

قال: يا رسول الله! وهل تجد بين لابتيها -أي: جبليها.

جبلي المدينة- أفقر مني ومن أهل بيتي.

قال: اذهب فاجعلها في بيتك وفي أهل بيتك).

الشاهد: أنه قال: (هلك الأبعد يا رسول الله!).

وهنا قال: (إنه قد زنى الأخر.

قال: [قال: فرجمه)] أي: بعد أن اعترف أربع مرات.

قال: [(ثم خطب فقال: ألا كلما نفرنا غازين في سبيل الله خلف أحدهم له نبيب كنبيب التيس)] يعني كلما خرجنا للغزو يتخلف منكم واحد مع النساء أو العيال (له نبيب كنبيب التيس) أي: له صوت حين وقوع الجريمة منه كصوت التيس.

وهذا تقريع وتوبيخ من النبي عليه الصلاة والسلام لمن همت به نفسه أن يباشر مثل هذه الفاحشة.

قال: [(يمنح أحدهم الكثبة، أما والله إن يمكني من أحدهم لأنكلنه عنه)] يعني: لو أن الله تعالى مكنني من واحد يفعل هذا لنكلت به تنكيلاً.

أي: لآذيته وضربته وقرعته وأقمت عليه الحد حتى يعتبر هو ومن معه.

قال: [وحدثنا محمد بن المثنى وابن بشار -واللفظ لـ ابن المثنى - قالا: حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة عن سماك بن حرب قال: وفي رواية: سمعت جابراً يقول: (أتي رسول الله صلى الله عليه وسلم برجل قصير أشعث ذي عضلات عليه إزار وقد زنى، فرده مرتين ثم أمر به فرجم)] انظروا إلى قوله: فرده مرتين، لم يرده في هذه الحالة أربعاً وإنما رده مرتين.

وفي رواية: (فرده مرتين أو ثلاثاً).

وهذا حجة الجمهور بأن الإقرار ولو مرة واحدة يكفي في إقامة الحد، وأنه لا يلزم الإقرار أربع مرات.

قال: [(فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كلما نفرنا غازين في سبيل الله تخلف أحدكم ينب نبيب التيس يمنح إحداهن الكثبة)] أي: يعطي المرأة لبنه وماءه.

وهذا كناية عن الزنا.

فقوله: (يمنح إحداهن) أي: يزني بالمرأة فيعطيها لبنه ويعطيها ماءه.

قال: [(إن الله لا يمكني من أحد منهم) أي فعل ذلك (إلا جعلته نكالاً) أي: جعلته عبرة وعظة لمن همت به نفسه أن يصنع مثل صنيعه.

قال: [فحدثته سعيد بن جبير فقال: (إنه رده أربع مرات)].

وفي رواية جابر كذلك قال: [(فرده مرتين)].

وفي رواية أبي عامر العقدي: (فرده مرتين أو ثلاثاً).