للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[شمول رحمة الله للخلق في الدنيا والآخرة]

قال: [حدثنا يحيى بن أيوب وقتيبة وابن حجر، قالوا: حدثنا إسماعيل (يعنون ابن جعفر) عن العلاء بن عبد الرحمن بن يعقوب الحرفي، عن أبيه، عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (خلق الله مائة رحمة، فوضع واحدة بين خلقه، وخبأ عنده مائة إلا واحدة)].

أي: أن الله خلق الرحمة مائة جزء، وجزء واحد من هذه الأجزاء أنزله لتتراحم به الخلائق جميعاً، من إنسان، وحيوان، وطير، وجماد، وجن، وغيرها من الخلائق، فتصور أن مظاهر الرحمة في بني آدم وفي الجن وفي الحيوانات والطيور وغيرها كلها من آثار رحمة واحدة لله عز وجل، فما بالك بالتسعة والتسعين جزءاً الذي خبأه الله عز وجل ليرحم به عباده المؤمنين في عرصات يوم القيامة.

فهو يوم وإن كان عصيباً من وجه، إلا أن رحمة الله سبحانه وتعالى تدرك الموحدين بما يفوق حد العقول، لكني لا أعطي بهذا أيضاً بطاقة أو رخصة للوقوع في الذنب والمعصية والآثام اتكالاً على رحمة الله عز وجل، فربما لا تدركك؛ لأنه ليس وعداً على الله عز وجل أن يغفر لكل عاص، وإنما كل عاص إن لم يتب فهو داخل يوم القيامة في مشيئة الله عز وجل، إن شاء عذبه وإن شاء غفر له، فلا تتكل على هذا، واعمل بما هو أحوط لك، وهو لزوم الطاعة.

قال: [حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير، حدثنا أبي، حدثنا عبد الملك، عن عطاء، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن لله مائة رحمة، أنزل منها رحمة واحدة بين الجن والإنس والبهائم والهوام)].

حتى تعلم بشمول رحمة الله عز وجل للخلق، وهذا جزء واحد من مائة جزء، وأن الذين يتراحمون فيما بينهم بهذا الجزء ليسوا فقط بني آدم، وإنما الإنس والجن والبهائم والهوام.

قال رحمه الله: [(فبها يتعاطفون، وبها يتراحمون، وبها تعطف الوحش على ولدها، وأخر الله تسعاً وتسعين رحمة يرحم بها عباده يوم القيامة)].

قال رحمه الله تعالى: [حدثني الحكم بن موسى، حدثنا معاذ بن معاذ -وهو العمري - حدثنا سليمان التيمي -وهو سليمان بن طرخان التيمي - حدثنا أبو عثمان النهدي، عن سلمان الفارسي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن لله مائة رحمة، فمنها رحمة بها يتراحم الخلق بينهم، وتسعة وتسعون ليوم القيامة).

وحدثنا محمد بن عبد الأعلى، حدثنا المعتمر، عن أبيه -وهو سليمان بن طرخان التيمي المتقدم في الإسناد الأول- بهذا الإسناد].

وقوله: (طباق ما بين السماء والأرض) أي: مسيرة خمسمائة عام، وتصور أن هذا حجم الرحمة طولاً، أما عرضاً فإنها تملأ الأرض فلا تبقي منها شيئاً، وهذه رحمة واحدة من رحمات الله، فكيف ببقية رحماته سبحانه وتعالى؟! قال رحمه الله: [قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الله خلق يوم خلق السماوات والأرض مائة رحمة، كل رحمة طباق ما بين السماء والأرض، فجعل مائة رحمة، وأنزل واحدة فبها تعطف الوالدة على ولدها، والوحش والطير بعضها على بعض، فإذا كان يوم القيامة أكملها بهذه الرحمة)، يعني: أكملها ببقية أجزاء الرحمة التسعة والتسعين.