لقطة الحيوان لها أحكام: فقهاء المالكية والشافعية والحنابلة يذهبون إلى القول بعدم التقاط الحيوان؛ للنهي الوارد عن ذلك، ولكن النهي ليس على إطلاقه بدليل أن النبي عليه الصلاة والسلام في حديث زيد بن خالد الجهني في الصحيحين:(لما سئل عن ضالة الغنم قال: هي لك أو لصاحبك أو للشيطان).
وفي رواية:(أو للذئب).
وسئل عليه الصلاة والسلام عن ضالة الإبل فقال:(مالك ولها معها سقاؤها وحذاؤها ترد الماء وتأكل الشجر).
فالأصل أن النهي الوارد عن التقاط الحيوان إما أن يكون متعلقاً بالإبل وفي هذه الحالة لا يكون متعلقاً بما دون الإبل.
والسؤال هنا: هل يقاس على الإبل غيرها، وهل يقاس على الشاة غيرها؟ إذا قلنا: إن الإبل ليست محل التقاط إلا إذا خيف عليها الهلاك من كبار السباع وغيرها، أو هلاك عام بالحرق أو الغرق أو شيء من ذلك في حال الهلاك العام والدمار العام فإنما ذلك يكون بإذن الإمام كما هو مذهب جماهير العلماء.
أما الشاة فإنها تلتقط وكذا من كان في مثل حكمها، فالشاة ضعيفة، وكذا المعز، لا تستطيع أن تدفع عن نفسها حتى من صغار السباع، فالكلب قد يتسلط على شاة ويأكلها، أو ذئب أو سبع أو أسد.
أما صغار السباع لو تسلط على حمار كبير أو تسلط على بقرة أو جاموسة كبيرة أو بعير فإن هؤلاء جميعاً يستطيعون الدفاع عن أنفسهم، ولذلك البعير يقاس عليه من الحيوانات من كان في مثل قوته ويستطيع الدفع، فهذا لا يلتقط، والشاة يقاس عليها من كان في مثل ضعفها ممن لا يستطيع أن يدفع عن نفسه أذى صغار السباع.
إذاً: الصحيح أنه لا يجوز لقط الإبل، لما ورد مرفوعاً من حديث زيد بن خالد الجهني:(مالك ولها معها حذاؤها وسقاؤها ترد الماء وتأكل الشجر حتى يجدها ربها).
أما ضالة الغنم فيجوز التقاطها؛ لما ورد في حديث زيد:(خذها فإنما هي لك أو لأخيك أو للذئب).
وقاس عليها الجمهور ما يشبهها في الضعف واحتمال الضياع.