للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الرد على من يقول ما دام باب التوبة مفتوحاً فما المانع أن يذنب العبد ثم يتوب

وربما يقول بعض الناس: ما دام باب التوبة مفتوحاً فما المانع أن يذنب العبد ثم يتوب؟! وهذا الأمر مردود من عدة أوجه: الأول: أنك لا تضمن أن تقبض روحك وأنت على المعصية، وعند ذلك لا تدرك التوبة.

الثاني: أنك لا تدري لعل الشيطان يتسلط عليك فينسيك التوبة، لذا ينبغي على المرء أن يحرص كل الحرص أن يكون بجوار ربه، وملازماً لطاعته.

الثالث: لعل الله تعالى لا يوفقك إلى التوبة.

الرابع: لعلك تتوب توبة ضعيفة، فلا يقبلها الله عز وجل، وأقول: توبة ضعيفة؛ لأن العبد الذي يفكر سلفاً في المعصية اتكالاً على أنه سيتوب، فإنه في حقيقة أمره لم يتب؛ لأن التوبة من الذنب تجعل قلب المرء كأنه يختلع وينتفض من صدره انتفاضاً، ويتحشرج في حلقه، أما الذي يطلق لنفسه العنان في المعاصي والذنوب بدعوى أنه سيتوب بعدها لا بد أن يسأل نفسه: هل تضمن حياتك بعد ارتكاب الذنب؟ فإن كان الجواب بـ (لا) فليقم على توبته قبل وقوعه في الذنب.

وقوله: (فعلم أن له رباً يأخذ بالذنب، ويغفر الذنب، اعمل ما شئت فقد غفرت لك).

أي: ما دمت تتوب بعد كل ذنب، فإن باب التوبة مفتوح حتى تطلع الشمس من مغربها، وهذه التوبة عامة لكل الخلق، أما التوبة الخاصة فلكل عبد على حدة، وذلك حين يغرغر.

قال عبد الأعلى: (لا أدري أقال في الثالثة أو الرابعة: اعمل ما شئت)؟ قال: [حدثني عبد بن حميد، حدثني أبو الوليد -وهو هشام بن عبد الملك الطيالسي - حدثنا همام -وهو ابن يحيى بن دينار - حدثنا إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة قال: كان في المدينة قاص يقال له عبد الرحمن بن أبي عمرة قال: فسمعته يقول: سمعت أبا هريرة رضي الله عنه يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إن عبداً أذنب ذنباً) بمعنى حديث حماد بن سلمة، وذكر ثلاث مرات، أذنب ذنباً، وفي الثالثة (قد غفرت لعبدي فليعمل ما شاء) أي: فليعمل ما شاء ما دام أنه يحدث توبة، أما أن الله تعالى يعفو عن العبد وهو مصر على الذنب، ولم يتب ويستغفر، ولم يكن عنده من الطاعات ما يؤهله لمحو السيئات، فهو على خطر عظيم جداً.