قال:[قال عبد الله بن شقيق: كان عثمان ينهى عن المتعة، وكان علي يأمر بها]، وإذا أجمع الخلفاء الراشدون على أمر فإنه كالنص القطعي؛ لقوله عليه الصلاة والسلام:(عليكم بسنتي وسنة الخلفاء).
يقول ابن رجب الحنبلي: إذا أجمع الخلفاء الأربعة على أمر فكان كالنص من كتاب الله أو من سنة النبي عليه الصلاة والسلام، يعني: له نفس الحجية والقوة.
قال:(فقال عثمان لـ علي كلمة -أي: أنه كان يراجع علياً في قضية التمتع والقران- ثم قال علي: لقد علمت أنا قد تمتعنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم -أي: ولو كان التمتع لا يجزئ لنهانا عنه النبي عليه الصلاة والسلام- فقال: أجل، ولكنا كنا خائفين)].
قال:[وعن سعيد بن المسيب قال: اجتمع علي وعثمان رضي الله عنهما بعسفان، فكان عثمان ينهى عن المتعة أو العمرة، فقال علي: ما تريد إلى أمر فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم تنهى عنه؟ فقال عثمان: دعنا منك -يعني: اترك رأيك هذا- فقال: إني لا أستطيع أن أدعك، فلما أن رأى علي ذلك أهل بهما جميعاً]، أي: أهل بالحج والعمرة قراناً، يعني: في وقت واحد وبإحرام وإهلال واحد نزولاً على رأي عثمان، وهو أفضل من علي.
وهذا فيه الأدب الشديد من علي بن أبي طالب، فرغم اعتقاده أن التمتع جائز لكنه وافق عثمان في القضية، ولو قرن علي بن أبي طالب بين الحج والعمرة فهذا لا يخالف ما عنده؛ لأن علياً يقول بالقران كذلك، ويقول: إن النبي صلى الله عليه وسلم حج قارناً، ولكنه يزيد على عثمان باستحباب التمتع، والقول باستحباب التمتع يلزم منه استحباب القران.