للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ترجمة يحيى بن يعمر البصري]

قال: [عن يحيى بن يعمر البصري].

ويحيى بن يعمر له مزية وفضل على كل من أتى بعده؛ وذلك أنه هو الذي نقط المصحف، وقد كان لغوياً بليغاً أديباً محدثاً حافظاً ثقة، وكلام أهل العلم فيه كثير جداً.

ويحيى بن يعمر أخذ النحو واللغة عن شيخ النحو واللغة أبي الأسود الدؤلي، وقيل: إن الذي نقط المصحف هو أبو الأسود نفسه، والصحيح أنه يحيى بن يعمر، ونقطه بأمر أبي الأسود الدؤلي، والعمل ينسب للفاعل والآمر، كما يقال: انتصر فلان في غزوة كذا، وربما أن فلاناً هذا لم يمارس أو يعان أي جهد في المعركة، وإنما جنوده هم الذين عانوا الحرب وانتصروا، فنسب النصر إليه؛ لأنه المسئول عن ذلك أو الآمر بذلك، فـ أبو الأسود الدؤلي هو الذي أمر يحيى بن يعمر بنقط المصحف وتشكيله، والمخطوطات القديمة إنما هي خطوط وحروف فقط، وليس فوقها ولا تحتها ولا فيها نقط ولا حركات، فالشدة والفتحة والكسرة والضمة والسكون وغير ذلك لم يكن في عهد السلف، والكلمة في المخطوطات تقرأ على عدة أوجه، وقد أوقع هذا كثيراً من الناس في التصحيف، سواء في القرآن أو في الحديث.

فـ يحيى بن يعمر له الفضل والمنة بعد الله عز وجل على كل من أتى بعده؛ لأنه هو الذي أقام وصحح القراءة بنقطه وضبطه وتشكيله لكتاب الله عز وجل، وكان لغوياً بليغاً، وكان آمراً بالمعروف ناهياً عن المنكر، وكان يعيش في زمن الحجاج بن يوسف الثقفي عليه من الله تعالى ما يستحق؛ فهو الذي آذى الصحابة وقتل التابعين، ويكفيه عاراً وشناراً أنه قتل سعيد بن جبير وآذى أنس بن مالك وابن عباس وابن عمر، رضوان الله تبارك وتعالى عليهم جميعاً.