[باب النهي عن طلب الإمارة والحرص عليها]
قال: (باب: النهي عن طلب الإمارة والحرص عليها) أي: الإمارة العامة أو الخاصة.
قال: [حدثنا شيبان بن فروخ حدثنا جرير بن حازم حدثنا الحسن -وهو ابن أبي الحسن البصري - حدثنا عبد الرحمن بن سمرة قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يا عبد الرحمن! لا تسأل الإمارة.
فإنك إن أعطيتها عن مسألة أكلت إليها) وفي رواية: (وكلت إليها -إما بالهمز وإما بالواو: أكلت أو وكلت إليها- وإن أعطيتها عن غير مسألة أعُنت عليها).
يعني: أعانك الله عليها.
شيء يفرض عليك فرضاً بخلاف شيء تطلبه أنت طلباً، فالذي تطلبه أنت لا تُعان عليه، والذي يُفرض عليك فرضاً يعينك الله تعالى عليه.
قال: [حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ومحمد بن العلاء قالا: حدثنا أبو أسامة عن بريد بن عبد الله عن أبي بردة عن أبي موسى الأشعري قال: (دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم أنا ورجلان من بني عمي)].
يعني: من الأشعريين، وهناك فرق بين الأشعريين والأشاعرة، وإن كان أصل النسب واحداً؛ لأن أبا الحسن الأشعري هو منسوب إلى قبيلة الأشعريين أيضاً.
قال: [(دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم.
أنا ورجلان من بني عمي فقال أحد الرجلين: يا رسول الله! أمّرنا على بعض ما ولاك الله عز وجل)].
يعني: أمّرنا على أي شيء حتى ولو كان كوماً من تراب.
فإذا كان يفهم من ذلك أن الإمارة إلى هذا الحد، فلماذا ننقم على غيرنا ممن لا دين له ولا علم عنده ولا تقوى ولا صيام ولا صلاة ولا زكاة، وهو حريص على الإمارة؟ قال: [(فقال أحد الرجلين: يا رسول الله! أمّرنا على بعض ما ولاك الله عز وجل، وقال الآخر مثل ذلك، فقال: إنا والله لا نولي على هذا العمل أحداً سأله ولا أحداً حرص عليه)].
لأن سؤال السائل يدل على الرعونة والسفاهة والطيش والتطلّع، وبالتالي فإن هذه الأخلاق القلبية الرذيلة لا تؤهل المرء أبداً لأن يتولى عملاً، ولا يتولاه إلا من كان نقي العلم والعقل والعمل والقلب، هذا يكون أعظم للإمامة والإمارة.
قال العلماء: الحكمة في عدم تولية من سأل الولاية: أنه يوكل إليها، ولا تكون معه إعانة من الله عز وجل.