[شرح حديث أبي هريرة:(اعلموا أن الأرض لله ولرسوله وأني أريد أن أجليكم)]
قال المصنف رحمه الله تعالى:[حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا ليث -وهو الليث بن سعد المصري - عن سعيد بن أبي سعيد عن أبيه] وهو سعيد بن أبي سعيد المقبري لُقّب بـ المقبري؛ لأن بيته كان بجوار البقيع، فكان في الذهاب والإياب يمر على المقابر.
[عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال:(بينا نحن في المسجد)] و (بينما) كُتبت (بينا) لكن في النطق (بينما) كما أنه يكتب (ثنا) ولكنها تُنطق (حدثنا) كذلك (أنا) تُنطق (أخبرنا أو أنبأنا) وكذلك (نا) وتُنطق (أخبرنا).
قال: [(بينا نحن في المسجد إذ خرج إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: انطلقوا إلى يهود -أي: لقتالهم- فخرجنا معه حتى جئناهم، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فناداهم فقال: يا معشر يهود! أسلموا تسلموا)] وهذا من الجناس اللفظي بين الكلمات: (أسلموا تسلموا) كما يقول الشاعر: سميته يحيى ليحيا، فالأول هو الاسم والثاني هو الرجاء (ليحيا).
وهنا قال:(أسلموا تسلموا) أي: تسلموا من القتال وتأمنوا من إراقة الدماء.
قال: [(فقالوا: قد بلغت يا أبا القاسم!)] أي: إذا كنت تريد أن نشهد بأنك قد بلّغت، فإنا نشهد بذلك ونُقر بذلك عينك [(فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: ذلك أريد)] هذا الذي أريد أن أنتزعه منكم أن تشهدوا لي أني قد بلغتكم؛ لأن الأنبياء ليس عليهم إلا البلاغ:{إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلاغُ}[الشورى:٤٨] أما الهداية فهي بيد الله عز وجل، وقال الله تعالى:{يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ}[المائدة:٦٧]، إذاً: الرسول ما عليه إلا البلاغ المبين، وما غير ذلك فهو لله عز وجل.
قال:(أسلموا تسلموا، فقالوا: قد بلغت يا أبا القاسم! فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: ذلك أريد.
فقال لهم الثالثة فقال: اعلموا أنما الأرض لله ورسوله -وهذا في قتاله مع بني النضير- وأني أريد أن أجليكم من هذه الأرض، فمن وجد منكم بماله شيئاً فليبعه)] من استطاع منكم أن يبيع متاعه أو عقاره بشيء فليبعه ولا يتأخر؛ لأني أريد أن أجليكم عنها، ولا تأخذون معكم في الإجلاء إلا ما تحمله النوق، أما غير ذلك فلا.
قال: [(وإلا فاعلموا أن الأرض لله ورسوله)] أي: لا يمكن أن تأخذوا من الأرض شيئاً.