للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[سبب عدم تحويل الإمام مسلم للإسناد قبل كهمس في حديث جبريل في مراتب الإيمان]

قال: [حدثنا كهمس عن ابن بريدة عن يحيى بن يعمر].

نتوقف هنا لنبين تحويل الإسناد.

وكهمس هنا هو الراوي المشترك بين الإسناد الأول والإسناد الثاني، والأصل إذا أردت أن أحول هذا الإسناد أن أضع حرف الحاء قبل كهمس؛ لأن كهمس هو الراوي المشترك، وبعد ذلك أقول: كهمس عن ابن بريدة عن يحيى بن يعمر، لكن الإمام مسلماً لم يضع حرف الحاء قبل كهمس لثلاث نكت يعرف منهن لماذا لم يتم اختصار الإسناد بطريقة أكثر اختصاراً من هذه الطريقة التي اختصرها بها مسلم، فقد وضع مسلم حرف الحاء بعد يحيى بن يعمر، رغم أن يحيى بن يعمر موجود في الإسنادين، فكان من الممكن أن يضعه قبل يحيى بن يعمر، وفيه كذلك عبد الله بن بريدة مشترك كذلك بين الإسنادين، لكن في الإسناد الأول قال: عبد الله بن بريدة، وفي الإسناد الثاني قال: ابن بريدة فقط، وبريدة رضي الله عنه كان له ابنان، سليمان وعبد الله، فلو وضع حرف الحاء قبل يحيى بن يعمر للزمه أن يروي الاسم على جهة واحدة، فإما أن يقول في الإسنادين عبد الله بن بريدة، فيكون قد كذب على الراوي؛ لأن أحدهم قال: عبد الله، والثاني قال: ابن بريدة، وممكن أن الراوي الثاني يقصد سليمان بن بريدة، خاصة وأن أبا داود روى هذا الحديث عن سليمان بن بريدة.

وإما أن يقول: ابن بريدة في الحالين، فيكون قد أنقص عبد الله، وللمستمع أن يحمل ذلك على أنه سليمان لا عبد الله.

فلم يضع حرف الحاء قبل كهمس؛ لأن الأمر سيكون فيه كذب؛ لأن وكيعاً عندما روى عن كهمس قال: عن كهمس، ومعاذ لما رواه عن كهمس قال: حدثنا كهمس، ومعلوم أن هناك فرقاً كبيراً جداً بين عن وبين حدثنا.

وأما لماذا يضع حرف الحاء قبل يحيى بن يعمر مع أنه ليس هناك إشكال لأن يحيى بن يعمر في الإسنادين واحد فقد أجاب على هذا الإمام النووي فقال: ووقفت على طريق لهذا الحديث، وفيه: حدثنا يحيى ولم يذكر ابن يعمر ولم ينسبه، فناسب هذا الأمر عند مسلم أن يضع حرف الحاء بعد يحيى بن يعمر؛ لأنه قد ورد في طرق أخرى خارج الصحيح أنه يحيى غير منسوب، وهذه كلها لطائف.

ثم اللطيفة الثالثة: أنه ميز بين رواية زهير بن حرب ورواية عبيد الله بن معاذ العنبري؛ لأنه ساق الحديث من لفظ عبيد الله، فناسب أن توضع الحاء بعد يحيى بن يعمر والله تعالى أعلم.