[وجوب سؤال الإنسان عما يشكل عليه حتى من عالم لمن هو أعلم منه]
قال:[فقلنا: لو لقينا أحداً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألناه عما يقول هؤلاء في القدر].
وهذا فيه لطيفة: وهي أنه ينبغي على من خفي عليه أمر من أمور العلم أن يبحث عمن يعلم هذه الأمور، أو يبحث على من تفقه في دين الله عز وجل؛ ليطلب على يديه العلم، أو يطلب المزيد من العلم.
وكذلك فيه جواز سؤال العالم حتى وإن كنت عالماً، لبيان الفائدة لمن هو دونك في العلم، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يطرح المسألة على أصحابه ليختبر بذلك ذكاءهم، وكذلك كان الواحد منهم يطرح السؤال على النبي صلى الله عليه وسلم لا لأجل أن يعلم الحق من الباطل، وحتى يعلم بقية الصحابة جواب النبي صلى الله عليه وسلم، كما فعل جبريل في هذا الحديث، فإنه أتى وسأل وهو يعلم، ومما يبين ذلك أنه قال: صدقت، عندما أجابه لما سأله عن الإسلام والإيمان والإحسان، حتى قال عمر: فعجبنا له يسأله ويصدقه؛ لأن هذا ليس من عادة العرب ولا من لسانهم أن يسأل السائل ويصدقه على الجواب؛ لأن الغالب أن السائل إذا سأل إنما يسأل للاستفادة لنفسه، أي: لينفي عن نفسه الجهل.
فجاء يحيى بن يعمر وحميد بن عبد الرحمن إلى مكة حاجين أو معتمرين، وهما يتمنيان لو وفق الله تعالى لهما من أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام من يجيبهم على سؤالهم هذا، فهم يريدون أن يسألوا عما دار في بلدهم -أي: في البصرة- من أقوال هؤلاء المبتدعة الضالين، الذين أحدثوا كلاماً لا يعرفونه، ولم يعرفه من سبقهم من أهل زمانهم.