خلاف العلماء في كون شهر ذي الحجة ميقاتاً زمانياً للحج
وقع الخلاف في ذي الحجة، وهل ذو الحجة كله ميقات زماني للحج أم ليس ميقاتاً للحج؟ اختلف فيه العلماء إلى مذهبين: المذهب الأول وهو مذهب جماهير أهل العلم: أن العشر الأوائل من ذي الحجة هن ميقات للحج، وتطلق العشر تغليباً، وإلا فالأصل فيها التسع، لأن اليوم العاشر من ذي الحجة يوم النحر، ونحن نعلم قوله عليه الصلاة والسلام:(الحج عرفة).
فمن لم يقف بعرفة فلا حج له، والوقوف بعرفة يبدأ من بعد طلوع الشمس يوم التاسع إلى غروب الشمس، يعني: من وقف يوم التروية بمعنى بات فيها، وهذا المبيت سنة وليس واجباً، ثم إذا طلعت الشمس من اليوم التاسع يذهب ماشياً أو راكباً إلى عرفات، ويصلي في عرفة الظهر والعصر جمع تقديم مع القصر، ويحضر الخطبة مع الإمام، ثم إذا غربت شمس التاسع أفاض الحاج من عرفة إلى المزدلفة، ولا يصلي المغرب بعرفة وإن أذن للمغرب وهو فيها، بل يصلي المغرب والعشاء في مزدلفة جمع تأخير مع قصر العشاء.
ومن لم يتمكن من الوقوف بعرفة في نهار التاسع فيجزئه أن يقف بها جزءاً ولو يسيراً من ليلة العاشر، ولذلك أطلقوا عليها تغليباً العشر الأوائل من ذي الحجة.
أما من فاته الوقوف بعرفة في اليوم التاسع وفي ليلة العاشر، وذهب إلى عرفة في يوم النحر ووقف بها ونزل بعد غروب الشمس لم يصح حجه؛ لأن اليوم العاشر ليس ميقاتاً زمانياً للحج، وهذا مذهب الجمهور.
والمذهب الثاني: أن ذا الحجة كله ميقات زماني للحج؛ لأن الله تعالى يقول:{الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ}[البقرة:١٩٧].
وأشهر جمع شهر، ولا يصدق هذا الجمع إلا على شهر صحيح أو قارب الصحيح، وأما التسعة أو العشرة فلا يصدق عليها شهر، والشهران لا يجمعان؛ لأن أقل الجمع في اللغة العربية ثلاثة، وفي بقية لغات العالم اثنان.