[شرح حديث:(إما أن يدفعوا الدية لكم أو يأذنوا بحرب)]
قال: [حدثني إسحاق بن منصور -المعروف بـ الكوسج - أخبرنا بشر بن عمر -وهو ابن الحكم الزهراني أبو محمد البصري - قال: سمعت مالك بن أنس يقول: حدثني أبو ليلى عبد الله بن عبد الرحمن بن سهل عن سهل بن أبي حثمة أنه أخبره عن رجال من كبراء قومه: (أن عبد الله بن سهل ومحيصة خرجا إلى خيبر من جهد أصابهم فأتى محيصة فأخبر أن عبد الله بن سهل قد قتل وطرح في عين أو فقير)]، العين ضد الفقير؛ لأن العين فوهتها ضيقة وقعرها بعيد، بخلاف الفقير: فهي سهلة الإدراك، لو وضعت رجلك فيها ربما لا يبلغ ماؤها إلى الركبة، وعينها واسعة جداً، كحفرة على سطح الأرض.
[(قال: قتل عبد الله بن سهل وطرح في عين أو فقير، فأتى يهود فقال: أنتم والله قتلتموه.
قالوا: والله ما قتلناه، ثم أقبل حتى قدم على قومه فذكر لهم ذلك، ثم أقبل هو وأخوه حويصة وهو أكبر منه وعبد الرحمن بن سهل فذهب محيصة ليتكلم -وهو الذي كان بخيبر- فقال النبي صلى الله عليه وسلم لـ محيصة: كبر كبر)] أي: ليتكلم أخوك وهو حويصة، يريد أنه أحق بالكلام منه لكبر سنه.
[(فتكلم حويصة، ثم تكلم محيصة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إما أن يدوا صاحبكم، وإنما أن يؤذنوا بحرب)] أي: إما أن يدفعوا الدية لكم، أو يؤذنوا بحرب، لأنهم بقتلهم عبد الله بن سهل فقد نقضوا العهد، وإذا نقض العهد أحد الطرفين في صلح أو معاهدة فقد استوجب الحرب [(فكتب رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم بذلك)] أي: كتب إلى اليهود، إما أن تدفعوا الدية أو الحرب.
[(فكتبوا إليه: إنا والله ما قتلناه.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لـ حويصة ومحيصة وعبد الرحمن: أتحلفون وتستحقون دم صاحبكم)].
أي: إذا حلفتم خمسين يميناً فقد استحققتم قاتلكم قصاصاً أو دية على خلاف سيأتي معنا بإذن الله.
[(قالوا: لا)].
أي: ما شهدنا يا رسول الله! كيف نحلف على أمر نشك فيه [(قال: ستحلف لكم يهود.
قالوا: ليسوا بمسلمين، فواده رسول الله صلى الله عليه وسلم من عنده فبعث إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم مائة ناقة حتى أدخلت عليهم الدار)]، الضمير يعود على دار أولياء عبد الله المقتول.