لو درسنا مناسك الحج والعمرة عملياً لكان أقرب للفهم وجزاك الله عنا خيراً؟
الجواب
نذهب إلى مكة، وأنا سأشرح لك مناسك الحج، لأن مناسك الحج لا يمكن أن تفهم إلا هناك، كما لو أن شخصاً لا يستطيع أن يصلي ولا يسمع عن الصلاة، فتعلمه نظرياً، فلا يستطيع أن يصلي إلا إذا صليت أمامه، وعلمته ذلك عملياً، ولذلك فإن النبي صلى الله عليه وسلم حدد فترة تعليم الطفل للصلاة بثلاث سنوات، قال:(علموهم الصلاة لسبع واضربوهم عليها لعشر)؛ لأن الطفل مرة يصلي وعشر مرات لا يصلي، ومرة يحضر معك الصلاة من أولها وبعد ذلك يتركك في الصف ويخرج يلعب ثم يحضر معك التسليم على اعتبار أنك توبخه وتؤنبه إذا لم يصل مع الإمام وأتم الصلاة وغير ذلك.
إلى أن تمر ثلاث سنوات يكون الطفل قد تعلم الصلاة بأركانها وأحكامها وواجباتها، ما يزيد فيها وما لا يزيد وغير ذلك، وبعد ذلك يعاقب من سن العاشرة؛ لأن هذه مسائل عملية لا تدرك إلا بالعمل.
وهناك حدود بين عرفة وبين المزدلفة، فقد عملوا لوحة مكتوب عليها من هذه الناحية أول عرفة، تصور لو أنك وقفت تحت هذه اللوحة فأنت واقف في مزدلفة، ولو خطوت خطوة واحدة وراء اللوحة تكون أنت واقفاً في عرفة، ومن وقف في غير عرفة فإن وقوفه لا يصح، والنبي عليه الصلاة والسلام يقول:(عرفة كلها موقف)، ولذلك أتى في مرة من المرات رجل يسأل الشيخ ابن عثيمين ونحن في الحج يقول له: يا شيخ! أنا لم أستطع أن أقف على جبل الرحمة، ولم يقولوا لي إلا بعدما رحل الناس، فماذا أعمل الآن وما صحة حجي؟ فالشيخ ضحك وقال له: يا بني! ومن ألزمك بصعود جبل الرحمة؟ بل إن صعوده كاد أن يكون من البدع، وبعض المصريين يظنون أن الحج والوقوف بعرفة لابد أن يكون على أعلى قمة في الجبل، ويتشاجرون، ويتصورون أن الحج لا يصح إلا بالوقوف في هذا الموضع.
فالوقوف على جبل الرحمة ليس واجباً ولا سنة، بل كاد أن يكون بدعة، وحرصكم عليه يؤكد بدعيته.
وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه وسلم تسليماً كثيراً.