قال: [حدثنا يحيى بن يحيى قال: قلت لـ مالك: حدثك نافع عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من أعتق شركاً له في عبد فكان له مال يبلغ ثمن العبد -أي: فكان لمن أعتق نصيبه مال يبلغ ثمن العبد- قوم عليه قيمة العدل -أي: مثل قيمة العبد من غير وكس ولا شطط، ومن غير نقصان ولا جور ولا زيادة- فأعطى شركاءه حصصهم، وعتق عليه العبد؛ وإلا فقد عتق منه ما عتق)]، يعني: لا بد من شيء من اثنين، فإما أن يعتق الباقي كأن يكون له ربع العبد، وهذا العبد بألف دينار مثلاً، فأعتق نصيبه - أي: المائتين والخمسين ديناراً- فإذا كان هذا المعتق صاحب مال قوم هذا العبد، ودفع لكل شريك من هؤلاء مائتين وخمسين ديناراً، ويكون هذا السيد الذي أعتق هذا العبد قد أعتق رقبة في سبيل الله، والعتق من أكبر الطاعات لله عز وجل، فمن أعتق شركاً له في عبد قوم عليه العبد إن كان صاحب مال، فيعطي بقية الشركاء حصصهم، ويعتق عليه العبد، يعني: يكون هذا العبد عتيقه، ويكون ولاؤه لهذا الرجل وحده، وليس للأربعة.
وإذا لم يكن صاحب مال فيكون قد أعتق حصته فقط، ويكون الثلاثة الباقون شركاء في ثلاثة أرباع العبد، يعني: بعد أن كان هذا العبد مكلفاً بخدمة أربعة يكلف الآن بخدمة ثلاثة.
قال: [حدثنا ابن نمير حدثنا أبي حدثنا عبيد الله عن نافع عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من أعتق شركاً له من مملوك فعليه عتقه كله إن كان له مال يبلغ ثمنه -وهذا شرط- فإن لم يكن له مال عتق منه ما عتق)]، يعني: نصيبه فقط.
وفي رواية ابن عمر:(من أعتق نصيباً له في عبد فكان له من المال قدر ما يبلغ قيمته قوم عليه قيمة عدل، وإلا فقد عتق منه ما عتق).
وفي رواية قال عبد الله: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (من أعتق عبداً بينه وبين آخر -أي: في شركة بينه وبين آخر- قوم عليه في ماله قيمة عدل، لا وكس ولا وشطط -والوكس: البخس والنقص والشطط: الزيادة والجور- ثم عتق عليه في ماله إن كان موسراً)]، ودائماً الشركاء يدور أمرهم بين الوكس والشطط.
فمثلاً: إذا كان اثنان أصحاب محل، أو كانا وارثين ولهما أخت ففي الغالب يأخذ الولدان الميراث، ويزعمان أنهما استرضيا الأخت الوارثة، وأن البنت لا أصول لها، يعني: أن البيت ليس لها نصيب فيه، والأرض ليس لها نصيب فيها، ويقولان: نعطيها قرشين وينتهي الأمر، فالبنات في هذا الزمان بالذات لا نصيب لهن في الميراث وهذا ظلم عظيم جداً.
والعجيب أن الرجال الذين يأخذون الميراث ويذهبون به دون البنات يبتلون بأخبث الأمراض في أنفسهم وأهليهم وأولادهم، ويبتلون كذلك بالفشل في حياتهم وفي خاصة أنفسهم، ولا يعتبر أحد، ثم يموت ويأتي ولده فيكرر نفس المأساة التي فعلها أبوه، ويأتي الحفيد ويكرر نفس المأساة التي فعلها أبوه وجده، ولا يعتبر مع أنه ذاق السم الزعاف في خدمة والده وهو مريض وقعيد وطريح الفراش عشرات السنين، ويعلم أن هذا بسبب الظلم، وأنها عقوبة من السماء نزلت، ثم هو يأتيها، فإذا تمكن من الظلم ظلم، ومعظم البلاء الذي ينزل بالأمة بسبب الظلم؛ لأن العدل قامت على أساسه السماوات والأرض، فمن خالف ناموس الكون وميزانه الرباني الذي لأجله خلق الخلق فلا بد أن يبتليه الخالق سبحانه وتعالى.
قال ابن عمر: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من أعتق شركاً له في عبد عتق ما بقي في ماله -يعني: ألزم بإعتاق بقية العبد من ماله- إذا كان له مال يبلغ ثمن العبد، وإلا فقد عتق منه ما عتق)]، أي: فلا يكلف ولا يلزم إلا بنصيبه؛ لأنه ليس صاحب مال.