للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[مناقشة الشيخ محمد شقرة مع زعيم جماعة التكفير]

وقد أتى زعيمهم الكبير فناقش الشيخ الألباني ثلاثة أيام، وفي نهاية الأمر ضاق الشيخ منه ففتح شباك الغرفة -عليه رحمة الله- وقال له: يا شيخ محمود! أترى أن هؤلاء الناس الذين في الشارع كفار؟ فقال: والناس لماذا؟ انظر نفسك أنت!! ثم قال الشيخ بعد ثلاثة أيام: هذا فراق بيني وبينك، انتهى الأمر.

فاصطحبته إلى الشيخ أبي مالك محمد بن إبراهيم شقرة، وكان للشيخ محمد هيبة عظيمة جداً، وهو رجل من أهل العلم الأثبات، وكنت على اتصال دائم في كل يوم لمعرفة نتيجة مباحثات اليوم كله مع الشيخ الألباني، فقال الشيخ محمد: تعالوا غداً إلى مكتب الأوقاف، فذهبت به في الغد إليه، فقال له الشيخ: اسمع، الكلام معنا لا بد أن يكون محدداً ومركزاً، ولا نريد خروجاً عن الموضوع.

قال: أفعل.

قال: لماذا المجتمع كافر؟ قال: لأنه يتعامل مع الحكام الكفرة.

قال الشيخ: يعني: من تعامل مع الكفار يكفر؟ قال: نعم.

قال: فقد تعامل النبي عليه الصلاة والسلام مع اليهود، أما علمت أنه مات عليه الصلاة والسلام ودرعه مرهونة عند يهودي؟ فاستعظم الأمر، وقال: يا شيخ! دعنا من هذه.

قال: فأنت عندما أتيت إلى الأردن كيف أتيت؟ قال: جهزت لي جوازاً كما يفعل الناس.

قال: أظن أنه إذا كانت الحكومة كافرة فلا أقل من أن يتركز الكفر في وزارة الداخلية التي أخذت منها الجواز، فأنت تعاملت مع الكفار، صحيح أم لا؟ قال: صحيح.

فقال له: وهذا أليس كفراً؟ قال: بلى، هذا كفر.

قال الشيخ: هذه الثياب التي تلبسها من الذي صنعها؟ مصر أم غيرها؟ فأخذت أنظر إلى الثوب فقلت: والله يا شيخ! واضح أنه ياباني.

فقال: بلاد اليابان دولة كافرة أم لا؟ قال: كافرة.

فقال الشيخ: ومن الذي حاكها وصنعها؟ وهل صنعت في مصر؟ قال: نعم.

قال: وهل أنت متأكد أن الذي صنعها واحد من جماعتك أم من عامة الناس؟ قال: من عامة الناس.

فقال: فأنت قد لبست ثوباً صنعه كافر.

ثم قال: وماذا ركبت إلى هنا؟ هل ركبت حماراً؟ قال: لا، ركبت طيارة.

قال: ولم شاركت هؤلاء الكفار في سياراتهم وطائراتهم؟ أليس هذا كفراً؟ قال: بلى.

وظل الشيخ يعدد له في كل حياته حتى أسود وجهه وقال: يا شيخ! أنا لا أخفيك أني والله كافر.

وهكذا قال! ولا يمكن أن يبقى العلم بهذا الشكل أبداً، ولا يمكن أن يصلح هذا ديناً، ومن قال: إن هذا دين الله عز وجل الذي أنزله من السماء فقد أعظم على الله الفرية، ولا يمكن أبداً أن يقاس الدين بالقلم والمسطرة نهائياً، فهذا ليس دين الله عز وجل، بل دين الله يؤخذ من أفواه أهل العلم، أما الاجتهادات الشخصية والفردية وإغلاقك على نفسك باب بيتك ثم تقرأ وتفهم كما يحلو لك فهذا أول طريق الانحراف.