شرح حديث:(من نزل منزلاً ثم قال: أعوذ بكلمات الله التامات)
قال:[حدثنا قتيبة بن سعيد، حدثنا ليث، حدثنا محمد بن رمح -واللفظ له- أخبرنا ليث، عن يزيد بن أبي حبيب، عن الحارث بن يعقوب].
وهو الأنصاري مولاهم، والد عمرو بن الحارث، شيخ الليث، لكن الذي تخرج على يديه -أي: على يدي عمرو بن الحارث - هو عبد الله بن وهب.
والحارث بن يعقوب والد عمرو هو مصري، لكنه نزل المدينة فقيل عنه: مولى الأنصار، وهو ثقة من عباد أهل مكة.
قال:[أن يعقوب بن عبد الله -وهو يعقوب بن عبد الله بن الأشج، أبو يوسف المدني مولى قريش- حدثه أنه سمع بسر بن سعيد المدني العابد يقول: سمعت سعد بن أبي وقاص يقول: سمعت خولة بنت حكيم السلمية].
وهي التي وهبت نفسها للنبي عليه الصلاة والسلام، وكانت تحت عثمان بن مظعون رضي الله عنه قبل وفاته.
قال: [سمعت خولة -وقيل: خويلة بالتصغير- تقول: سمعت النبي عليه الصلاة والسلام يقول: (من نزل منزلاً -أي: دخل مكاناً آمناً آو غير آمن- ثم قال: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق، لم يضره شيء حتى يرتحل من منزله ذلك)].
هذا الكلام يريد رجالاً يعتقدون أن قوى الدنيا بأسرها لا يمكن أن تفعل شيئاً، إذ إن العقيدة دائماً تحتاج إلى رجل يقرأ ويخزن ما يقرأ في قلبه وليس في لسانه، أو يحفظ في عقله، فيقرأ الأثر من قلبه فيعقد عليه قلبه وعزمه، وإن وقع به مكروه فهو إما لخلل في اعتقاده، وإما ابتلاء من الله تعالى ليكفر عنه ذنباً وقع منه قبل هذا، والنبي عليه الصلاة والسلام كان يعرف ذلك ويقوله، لكن ما حصل له هو ابتلاء من الله تعالى، ولذا إذا نزل أحدنا منزلاً، أو دخل خربة، أو مكاناً مظلماً، أو أتى إلى أحبابه وأصحابه فقال هذا الدعاء بعقيدة، فإنه لا يمكن أبداً أن يمد أحدهم يده عليه، أو يطول لسانه عليه إلا بقدر، والقدر هذا إذا تم يكون من أجل شيئين: إما مغفرة للذنب ولخلل في علاقته بالله عز وجل، فأراد الله تعالى أن يطهره منه، وهذا منزلة عظيمة كذلك، أو أن الله تعالى ابتلاه حتى يرفع درجاته.
لكن الأصل أنك إذا نزلت منزلاً فقل:(أعوذ بكلمات الله التامة من شر ما خلق).
أي: من شر كل مخلوق، ثم اعقد قلبك على أنه لا يستطيع أحد أن يمسك بشيء إلا بشيء أريد بك في السماء لرفع الدرجات أو لمغفرة الذنوب.