والإمام مسلم بدأ هذا الحديث بذكر شيخ له أكثر عنه وهو زهير بن حرب رحمه الله تعالى، فقال:[حدثني أبو خيثمة زهير بن حرب].
وذكر أول شيخ له بكنيته واسمه سواء، فلم يقل: حدثني أبو خيثمة فقط، ولم يقل: حدثني زهير بن حرب فقط، ولكنه جمع بين الاثنين، ولو قال: حدثني أبو خيثمة لعلم أنه زهير بن حرب، ولو قال: حدثني زهير بن حرب لعلم أنه أبو خيثمة، ومع ذلك جمع بين الاثنين، بين الكنية وبين الاسم؛ لأن الرجل يعرف بأربع، إما بكنيته، وإما باسمه، وإما بلقبه، وإما بنسبه، فإذا قال الإمام مسلم: حدثني أبو خيثمة فليس في طبقة شيوخ مسلم وهم الطبقة العاشرة من يكنى بهذه الكنية إلا زهير بن حرب، وكان يكفي أن يقول: حدثني زهير بن حرب أو حدثني أبو خيثمة، ولكنه جمع بين الاسم وبين الكنية، وهذا فيه تعظيم للشيخ وإجلال له، وقد قال الخطيب البغدادي في كتاب الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع في الجزء الثاني: ويفضل أن يجمع الراوي بين كنية شيخه واسمه إجلالاً له وتعظيماً.
وأبو خيثمة زهير بن حرب أصله من نسأ أو من نِسأ، فنسبته أنه نسائي أو نسوي، كالإمام النسائي، أو تقول: الإمام النسوي، والنسبة صحيحة في الحالين، وقد نزل بغداد فنسب إليها، فيقال: أبو خيثمة زهير بن حرب النسوي أو النسائي البغدادي.
وهناك من يكنى بهذه الكنية أبي خيثمة، ولكنه متقدم على زهير بن حرب، وهو زهير أيضاً، ولكنه زهير بن معاوية بن حديج الكوفي، وهو من الطبقة السابعة، وليس شيخاً للإمام مسلم، وإنما هو فوق شيوخه بطبقة.