للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[كيفية التحلل من مظالم الآخرين]

السؤال

سائل يقول: كان في بداية عمره وبلوغه مع جهله يفعل الكبائر من الزنا والسرقة وغير ذلك، ثم هداه الله لسبيل خير من ذلك، وسمع بأمر القصاص في الآخرة، فذهب إلى أحد أهل المظالم فاستحله وأقر بين يديه بفعل الفاحشة مع ابنته، فعفا وصفح عنه الرجل، وذهب إلى الباقين وذكر لهم أنه وقع في حقهم بسوء دون ذكر المظلمة صراحة، فعفوا عنه، وذلك مخافة قطيعة الرحم، أو حصول بعض الضرر عند ذكر المظلمة لهؤلاء، فهل يحاسب على هذه المظالم يوم القيامة؟ وهل تعد هذه توبة صحيحة؟

الجواب

الحقيقة هذا السائل ما زاد على الأبواب التي ندرسها ونتناولها في كل يوم، وأن الذي بدر منه هو من الكبائر ومن عظائم الذنوب، ويستوجب الحد، لكنه لا حد عليه الآن، وحتى على فرض وجوب الحد الآن فإن الله تعالى قد ستر عليك وأنت تأتي بالكبائر، فدائرة عفو الله عز وجل تشملك كما تشمل كل شيء، كما قال الله تعالى: {وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ} [الأعراف:١٥٦]، فذنبك مهما عظم شيء، ورحمة الله تعالى وسعت كل شيء، فيجزئك ويكفيك أن تتوب توبة صادقة وخالصة لله عز وجل، ولا يلزمك كذلك التحلل من أصحاب هذه المظالم؛ لأن بعض الناس ربما تعسف في معرفة المظلمة، وفي الحقيقة لو أنك عرضت علي هذا السؤال قبل أن تذكر هذه المظلمة لوالد البنت التي ظلمتها وظلمته وظلمت نفسك أيضاً، فلن أنصحك أبداً بإخباره بذلك، لكن كونك قد فعلت، وكونه قد عفا، فهو أعظم منك وأكرم، وهذا على خلاف عادات الناس جميعاً، فكونه عفا فهذا يدل على أصالته وشرفه وسيادته، وهذا الأخ إنما يسعه أن يتوب إلى الله عز وجل، ولا شيء عليه بعد ذلك، ولا يلزمه أن يذهب إلى بلاد تقيم الحدود؛ لأن بعض الناس يفعل هذا إذا أذنب ذنباً في بلد لا يقام فيه الحد، وأقول: يلزمه أن يتوب إلى الله عز وجل، وأن ينخرط في سلك طلاب العلم، فيطلب العلم، ويكثر من الصلاة، والصيام، والذكر، والاستغفار، وغير ذلك من القربات والطاعات.