[باب بيان وقت استحباب الرمي]
الباب الثالث والخمسون: باب بيان وقت استحباب الرمي.
والرمي رميان: رمي في يوم النحر، ورمي في أيام التشريق.
ورمي الجمرات بحصى الخذف، فإذا زادت عن ذلك أو نقصت جاز مع الكراهة، لكن على أية حال: يكره إذا تعمد الملتقط أن يلتقط أصغر من حصى الخذف أو أكبر، أما من لم يجد إلا أكبر أو أصغر فلا حرج عليه.
فمثلاً: لا يلتقط المحرم حصى خذف مثل حبة الأرز، وإن فعل سيجزئه لكن مع الكراهة.
ولا يلتقط سبعة أحجار كبار تقع في وجوه الناس من الناحية المقابلة له، ويعتبر أن هذه عبادة، فعلى اعتبار أنه لو رمى بحصى الخذف وجاءت في وجوه المقابلين له لا تضرهم، والنبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الخذف فقال: (إنه لا ينكأ عدواً، وإنما يفقأ العين).
وقد كنا نخذف ونحن نرعى الأغنام، والحمد لله ما من نبي إلا ورعى الغنم.
فباب بيان وقت استحباب الرمي.
قال: [عن جابر قال: (رمى رسول الله صلى الله عليه وسلم الجمرة يوم النحر ضحى -ويوم النحر هو يوم العيد- وأما بعد -أي: وأما بعد يوم النحر- فإذا زالت الشمس)].
إذاً: الجمرة جمرتان: جمرة العقبة الكبرى، وهي التي ترمى فقط يوم النحر، ورميها ضحى، ويجوز أن ترمى إلى وقت المغرب، لكن أحب الأوقات في رميها الضحى بعد أن تنزل من مزدلفة إلى منى.
وجمرة العقبة الكبرى في منى، لما تنزل من مزدلفة ستنزل إلى منى يوم النحر بعد الشمس، وقدر المشي ساعة ما بين مزدلفة إلى منى، فإذا وصلت إلى منى وبحثت عن جمرة العقبة الكبرى كنت في وقت الضحى، ولذلك يجوز أن تلتقط حصى الخذف الذي ترمي بها جمرة العقبة من مزدلفة، أو من طريقك إلى منى، أو من منى نفسها.
وبعض الحجاج في ليلة المبيت بالمزدلفة يبيتون مهمومين ومنشغلين بجمع سبع حصيات لكي يذهبوا إلى منى وينطلقوا منها مباشرة.
والخطأ الثاني أيضاً: بعض الحجاج يطيب حصى الخذف وهو محرم، والمحرم لا يجوز له أن يستعمل الطيب، فهو عندما يطيب هذه الحصيات سيمس من الطيب، وهذا خطأ كبير أيضاً.
بعض أهل العلم هناك يفتي بوجوب الدم؛ لأن هذا تنطع في عدة مسائل، فالصحابة ما غسلوا الحجارة، لأن الأصل فيها الطهارة، لحديث: (جعلت لي الأرض طهوراً) أي: الأرض كلها بحصاها وترابها ووحلها وطينها طهور.
لكن قد يقال: نحن نطيبها لأنها تقع في يد الله عز وجل، من الذي نص على أن هذه الحصيات تقع في يد الله إذا رميتها؟! والشيعة عليهم لعنة الله لا يلتقطون الحصى إنما يلتقطون أكياس الدم، فكل واحد منهم يأتي بسبع أكياس دم، وهذه إشارة لمقتل الحسين، فهم يرجمون الشيطان بأكياس الدم.
تصور أن كل شيعي يرمي بسبعة أكياس دم، والأكياس تقع في محل الشاهد فتنفجر، فيرجع الدم على الحجاج، فهذا بلاء عظيم مع ما في هذا اليوم من شدة الزحام، والذي يسقط على الأرض فكبر عليه أربعاً لوفاته، سواءً كان كبيراً أو صغيراً، رجلاً أو امرأة، فلا مجال أبداً لحياته إلا أن يأذن الله تبارك وتعالى له بذلك.
فحصى الخذف لا تغسل ولا تطيب ولا شيء من هذا، وتلتقط من أي مكان، ولا مانع للحاج -وهذا يحصل لما يأتي يوم عشرين من ذي القعدة- أن يأخذ من بلاده حصى فيضعها في الشنطة مثلاً ويحافظ على هذه السبع الحصيات.
و
السؤال
هل يجوز رمي الجمرة أياً كانت: الوسطى أم الصغرى أم الكبرى بجمار رمي بها من قبل؟
و
الجواب
لا يجوز، إنما الجمرة يرمى بها مرة واحدة.
ولذا فإن عربيات البلدية هناك تقوم برفع كل هذا الحصى وترميه بعيداً في الجبل؛ من أجل اليوم الثاني يرمي الناس الجمرات بحصى جديدة، وقد يلتقط الناس ثاني يوم أو ثالث يوم أو رابع يوم الذي هو ثالث أيام التشريق نفس الجمرات التي رموا بها بالأمس أو قبل الأمس، لكن هذا لا يضر، لأن الذي يغلب على الظن: أن هذه الجمار التي تلتقط من بعيد لم يرم بها، إنما التي رمي بها هي التي تأخذها من الجو، أو التي أخذتها في أثناء الرمي من محل الشاهد نفسه، أو من البير نفسه، فإن الموجود في هذا البير يقيناً عندك أنه قد رمي به، فلا يجوز التقاطه مرة أخرى، إنما إذا مررت بالجبل والتقطت منه وإن رمي به ألف مرة فإن الأصل فيه عدم الرمي، وهذا جهل لا يضرك.
فمن شك هل رمي بها أو لم يرم بها، فالأصل عدم الرمي ما دامت بعيداً.
والحوض لابد أن تقع الحصى فيه، ولا يصح الرمي إلا أن تقع في الحوض نفسه.
جابر رضي الله عنه يقول: (رمى رسول الله صلى الله عليه وسلم الجمرة يوم النحر) وهي جمرة العقبة الكبرى، أما الكبرى والوسطى والصغرى فهي ترمى في أيام التشريق الثلاثة إلا لمن تعجل، كما قال تعالى: {فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ} [البقرة:٢٠٣].
يعني: الذي هو مستعجل ويريد أن يسافر أو ينطلق، ولذلك المتعجل لا يجوز له أن يبقى في مكة رابع أيام التشريق، ولذلك قال: {لِمَنِ اتَّقَى} [البقرة:٢٠٣] يعني: هذه المسألة مربوطة بتقوى الله عز وجل، {فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْ