للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[باب استحباب خلط الأزواد إذا قلت والمواساة فيها]

قال المصنف رحمه الله تعالى: (باب: استحباب خلط الأزواد) أي: القوت والطعام والمتاع (والمؤاساة فيها)، وهذا ليس من باب الربا، بعض الناس يتصور أننا لما نكون مضطرين لجمع ما معنا أن هذا من باب الربا، والإمام النووي ينفي هذا ويقول: لا علاقة لهذا بالربا قطعاً.

وكلمة الاستحباب تنفي الوجوب، أما نفي الوجوب فلا ينفي الاستحباب، فيستحب خلط الأزواد، والنبي عليه الصلاة والسلام كان إذا اضطر إلى ذلك فرش النطع من الجلد ودعا الناس أن يأتوا بما عندهم، فمنهم من يأتي بكسر الخبز، ومنهم من يأتي بشراب ومتاع ولبن وغير ذلك حتى تجتمع الأزواد فيدعو على هذا الطعام فيزداد نماء وبركة، وهذا من معجزاته عليه الصلاة والسلام وخرقه للعادات؛ حتى يأكل الجميع ويحملوا منه في مزاداتهم.

قال: [حدثني أحمد بن يوسف الأزدي حدثنا النضر -يعني ابن محمد اليمامي - حدثنا عكرمة -وهو ابن عمار - حدثنا إياس بن سلمة عن أبيه - سلمة بن الأكوع - قال: (خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة فأصابنا جهد)] أي: مشقة، [(حتى هممنا أن ننحر بعض ظهرنا)] يعني: حتى هممنا أن ننحر بعض الإبل، وأنتم تعلمون أن نحر الإبل في الغزو خسارة، قال: [(فأمر نبي الله صلى الله عليه وسلم فجمعنا مزاودنا فبسطنا له نطعاً فاجتمع زاد القوم على النطع، قال: فتطاولت لأحرزه كم هو؟)] يعني: أقدر هذا الزاد.

قال: [(قال: فحزرته كربضة العنز) يعني: كمبرك الشاة.

قال: [(ونحن أربعة عشرة مائة، قال: فأكلنا حتى شبعنا جميعاً ثم حشونا جربنا)] جمع جراب بكسر الجيم، وكلمة حشونا تدل على أن كل واحد كان يحشو فزاده بعد أن شبع، [فقال صلى الله عليه وسلم: (فهل من وضوء؟)] أي: هل أحد عنده ماء لكي نتوضأ؟ قال: [(فجاء رجل بإداوة له فيها نطفة)] أي: قليل من الماء (فأفرغها في قدح)] أي: في قدح واسع، [(فتوضأنا كلنا ندغفقه دغفقة)] يعني: نصبه صباً شديداً مع أن الأصل فيه أنه شيء قليل جداً؛ لكن النبي صلى الله عليه وسلم دعا فيه بالبركة فنما وكان يخرج من بين أصابعه عليه الصلاة والسلام.

قال: [(ثم جاء بعد ذلك ثمانية فقالوا: هل من طهور؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فرغ الوضوء)] يعني: انتهى الماء، وهذا فيه إعجاز للنبي عليه الصلاة والسلام.

وهذه الأبواب لا علاقة لها بباب اللقطة وأحكامها، لكن يبقى أن نتعرف على اللقطة من جهة الأحكام الفقهية، والكتاب الذي يأتينا بعد ذلك هو كتاب الجهاد والسير، فأنا رأيي أن نتكلم على اللقطة من جهة الأحكام؛ ونؤجل درس العقيدة إلى الأسبوع القادم حتى نفرغ من أحكام اللقطة بإذن الله غداً بعد صلاة المغرب.

أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم، وصلى الله على نبينا محمد.