للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ميقات أهل مكة للحج والعمرة]

وميقات أهل مكة لا بد أن نميز فيه بين نسكين، فالذي يريد أن يؤدي عمرة يلزمه أن يخرج إلى الحل خارج مكة، ومكة كلها حرم، يعني: كلها لها حرمة، ولذلك سميت حرماً، وقد اعتاد الناس أن يخرجوا للعمرة من التنعيم كما هو مذكور في حديث عائشة، وعرفة حل، وقل من يحرم منها إلا الإخوة طلاب العلم الذين يعرفون أن عرفة حل، وعرفة ليست كلها حل، وإنما: نصفها فقط.

والذي يريد الحج من أهل مكة يحرم من بيته، ويلبس ملابس الإحرام وينطلق إلى النسك والحج، فيسن لأهل مكة في يوم التروية أن يلبسوا ملابس الإحرام من بيوتهم والخروج منها مباشرة إلى منى دون المرور بالحرم، وبعض أهل العلم استحب لأهل مكة إذا أرادوا الإحرام أن يذهبوا إلى الحرم ويحرموا منه، والراجح الأول.

يقول هنا في قوله: [(فمن كان دونهن فمن أهله، وكذا فكذلك، حتى أهل مكة يهلون منها) يقول: ومعناه وهكذا، فهكذا من جاوز مسكنه الميقات حتى أهل مكة يهلون منها.

وأجمع العلماء على هذا كله، فمن كان في مكة من أهلها أو وارداً إليها وأراد الإحرام بالحج فميقاته نفس مكة، ولا يجوز له ترك مكة والإحرام بالحج من خارجها -يعني: ليس له أن يذهب إلى ميقاته- سواء الحرم والحل، هذا هو الصحيح عند أصحابنا.

وقال بعض أصحابنا: يجوز له أن يحرم به من الحرم كما يجوز من مكة؛ لأن حكم الحرم حكم مكة، والصحيح الأول لهذا الحديث.

قال أصحابنا: ويجوز أن يحرم من جميع نواحي مكة بحيث لا يخرج عن نفس المدينة وسورها، وفي الأفضل قولان أصحهما: من باب داره -يعني: يحرم من باب داره- والثاني: من المسجد الحرام تحت الميزاب -ولا دليل عليه- وهذا كله في إحرام المكي بالحج، والحديث إنما هو في إحرامه بالحج.

وأما ميقات المكي للعمرة فأدنى الحل)، أي: من كان مقيماً بمكة أو من أهلها ميقاته المكاني للعمرة أدنى الحل، يعني: في أول الحل، وليس لازماً أن يكون من التنعيم.

قال: (لحديث عائشة الآتي: (أن النبي صلى الله عليه وسلم أمرها في العمرة أن تخرج إلى التنعيم وتحرم بالعمرة منه).

والتنعيم في طرف الحل.

والله تعالى أعلم).