يقول الإمام النووي:(في هذا الحديث دلالة لمن قال: يجوز أن يشترط الحاج والمعتمر في إحرامه أنه إذا مرض تحلل.
وهو قول عمر بن الخطاب، وعلي، وابن مسعود، وآخرين من الصحابة رضي الله عنهم، وجماعة من التابعين، وهو الصحيح من مذهب الشافعي، وحجتهم هذا الحديث الصحيح الصريح)، لأنكم تعلمون جميعاً أن الدليل لا يصح الاحتجاج به إلا إذا كان صحيحاً وصريحاً.
وقولك: صحيح، احتراز من الضعيف؛ لأن الضعيف لا تقوم به الحجة، خاصة في مسائل الأحكام ومسائل الاعتقاد وغيره.
ووقع نزاع بين أهل العلم في جواز الاحتجاج بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال.
والراجح في ذلك عدمه.
ولو أنه أراد الحج ومنعه مانع من بيته فلم يخرج فله ثواب الحج، وهذا لا يعني أن حجة الإسلام تسقط عنه، بل تبقى، ولكن الثواب يجري له.
وقد جاءت في ذلك أحاديث كثيرة جداً إن شئت أن ترجع إليها في باب الإخلاص من كتاب رياض الصالحين، وهو متوفر لدى كل إنسان، فارجع فإنك تجد آثاراً كثيرة تدل على أن من نوى شيئاً وكان عازماً عزماً أكيداً صادقاً فإنه يجري له الثواب.
أذكر من هذا دليلاً واحداً وهو قول النبي عليه الصلاة والسلام لأصحابه لما كان في غزوة:(ما نزلتم منزلاً ولا هبطتم وادياً ولا سرتم في طريق -وفي رواية: أو في مسير- إلا وقد شاركوكم الأجر -أي: إخوانكم بالمدينة- منعهم العذر).
وفي رواية:(منعهم المرض).
قال: (وقال أبو حنيفة ومالك وبعض التابعين: لا يصح الاشتراط؛ لأنه حادثة عين، فهو أمر مخصوص بـ ضباعة فقط، ولا يمكن قياس غير ضباعة على ضباعة، والكلام هذا طبعاً منقوض بالقاعدة الأصولية: العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.
وفي هذا الحديث دليل على أن المرض لا يبيح التحلل إذا لم يكن اشترط في حال الإحرام، لكنه لو منعه المرض بالفعل عن مواصلة المناسك فلابد أن يتحلل ويذبح شاة.