وهذا كلام محمول على أن هذا الطين أو هذا التراب كان شيئاً يسيراً لا يمنع من تمكن الجبهة من الأرض والتماسها بالأرض؛ لأن هذا فرض في السجود؛ ولذلك قال النبي عليه الصلاة والسلام:(أمرت أن أسجد على سبعة أعظم، وذكر منها: الجبهة) والإجماع على أن الأنف تابع لها، فالذي يصلي على جبهته وقد غرز طاقيته أو قلنسوته أو عمامته في جبهته حتى بلغت حاجبه هذا على خطر عظيم جداً، فإن كان يفعل ذلك متعمداً بطلت صلاته، وإن كان يفعله جاهلاً فلا شيء عليه حتى يتعلم ويعلم، فيرجع إلى ما أمر به النبي عليه الصلاة والسلام:(أمرت أن أسجد على سبعة أعظم: الجبهة، واليدين، والركبتين، والقدمين) هذه سبعة.
وربما قال قائل: ولم الجبهة بالذات مع أن الواحد يمكن أن يصلي ويسجد على الركبتين وهي مغطاة، وكذلك يصلي في الجورب ويصلي في الخف ويصلي في النعل، نقول: إجماع أهل العلم أن الأصل في الجبهة الكشف لا التغطية، ولذلك أوجبوا أن تمس الجبهة الأرض، أو يمس منها شيء يتحقق به لغة مس الجبهة للأرض.
فالإنسان الذي ينزل طاقيته إلى حد حواجبه إذا دخل في الصلاة فليرفع هذا الساتر حتى تمس جبهته الأرض والتراب، والشيعة عليهم من الله ما يستحقون يفعلون غير هذا؛ لأن الشيعة لهم دين يتدينون به غير دين الإسلام، وغير دين أهل السنة والجماعة في كل شيء، إلا شيئاً يسيراً، الشيعة يسجدون على حجارة، وعندهم مصانع لهذه الحجارة، كان في الأول يسجدون على بلطة، فلما انتهى البلط تقريباً؛ لأنهم يأخذن البلط من ماء وطين معين من كربلاء، فلما انتهى البلط الذي في كربلاء أنشئوا مصانع لصنع حجارة معينة، على اعتبار أن هذه الحجارة مربعة وفيها مكان مريح للجبهة، وتجد الإقبال الكبير من الشيعة على شراء هذه الحجارة، مما جعلهم يطالبون المصنع بأن يكثر من إنتاج هذه الحجارة، حتى يحصل كل الشيعة على هذه الحجارة، فهم يعتقدون أن الصلاة غير صحيحة إلا على هذه الحجارة، ودخلت مسجداً ذات مرة سنة (١٩٧٤م) فوقع في يدي كتاب من كتب الشيعة، وكان ثمرة سيئة من ثمرات عدم تلقي العلم على أيدي المشايخ، وقع في يدي كتاب اسمه:(وجعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً) وحينها لم يكن عندي علم لا عن الشيعة ولا عن السنة، وفيه: أن الصلاة لا بد أن تكون على الأرض وعلى الحجارة، فاتخذت حجارة للصلاة عليها، وأنا في سنة (١٩٧٤م) كنت في أول ثانوي، فدخلت المسجد في مدينة المنصورة فأخرجت الحجر من جيبي ووضعته لأسجد عليه، فكان هناك واحد بجانبي فلما رأى الحجر قال: أنت شيعي، قلت له: نعم والحمد لله، فقال لي: لماذا تصلي هنا؟ قلت: أصلي يا أخي في بيت ربنا، ودخل الإمام في الصلاة وكاد أن يركع وما زلنا نتجادل مع بعض فتركني ودخل في الصلاة وأنا دخلت، وكان كلما جئت لأسجد على الحجارة أخرها الأخ بيده، وبعد الصلاة قلت له: أنت جاهل، قال لي: لا، أنت الجاهل، والظاهر أنك شيعي ولا تعرف، فقلت له: خذ هذا الكتاب واقرأ فيه حتى تعلم ما فيه، فقال لي: تعال فأتى الإمام وقال له: هذا الأخ معه حجارة يسجد عليها، فكلمني الإمام بطريقة فيها عجرفة وعنجهية، فتمسكت بما أنا عليه، ورميتهم كلهم بالجهل والإلحاد وترك السنة ومعاداة النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأن كل هذا الكلام كان موجوداً في الكتاب، وأخذت الكتاب ومشيت، ثم صليت في مسجد في قرية مجاورة لنا، فجئت لأخرج الحجارة من الجيب فلم أجدها، فتحسرت وندمت، فلما جئت لأسجد رفعت طرف السجادة حتى أسجد على البلاط، فقال لي الرجل الذي كان بجانبي: لماذا تعمل هكذا؟ قلت له: السنة السجود على الأرض مباشرة، قال لي: هذا عمل الشيعة، وهم ليسوا من أهل السنة، قلت: وما يدريك أنت؟ قال: كنت في العراق والشيعة يفعلون هذا، أما أهل السنة فلا يفعلون ذلك، فوقعت كلماته في قلبي أبرد من الماء البارد في اليوم الحار، فقلت له: سأراجع نفسي، فقال: راجع نفسك، فذهبت من المنصورة إلى القاهرة ودخلت على شيخنا وإمامنا الكبير الشيخ كشك رحمه الله بعد صلاة الجمعة، فلما وصلت إليه قلت له: يا شيخ! الموضوع كيت وكيت وكيت وكيت، قال لي: هذا ضلال مبين، هذا مذهب الشيعة عليهم لعنة الله، وظل يسبهم، فبقيت سنة كاملة أتردد بين المنصورة والقاهرة؛ من أجل أن أصلي وراء الشيخ كشك يوم الجمعة، فقد كان صاحب فضل علي بعد ذلك الرجل الفلاح الذي لا يعرف شيئاً، ولا حتى يحسن أن يكتب اسمه، حتى تعرفوا أن الواحد قد يتلقى علمه ممن هو دونه.