قوله (فصلى عليها ثم دفنت فيه) مسألة: الصلاة على المقتول في حد، وهي محل نزاع بين أهل العلم، فالنبي عليه الصلاة والسلام لم يصل على ماعز الأسلمي وصلى على المرأة الغامدية، فهل يصلى على المحدود أو لا يصلى؟ العلماء في ذلك على مذاهب: المذهب الأول: لا يصلى عليه.
والمذهب الثاني: يصلى عليه.
وهو الصحيح؛ لأن المقتول في حد لا يزال مسلماً، كما أن الذي قتل نفسه لا يزال مسلماً، والذي انتحر لا يزال مسلماً، لكن يفضل ألا يصلي عليه الإمام أو من يشار إليه بالبنان، أو أصحاب الفضل والعلم من باب الزجر لأمثالهم ألا يعملوا عمله؛ ولذلك رأى النبي عليه الصلاة والسلام من المصلحة الشرعية ألا يصلي على ماعز، حتى لا يبادر آحاد الناس أن يقعوا فيما وقع فيه ماعز، فيحظوا باستغفار النبي صلى الله عليه وسلم لهم والصلاة عليهم، وعلم عليه الصلاة والسلام أن المصلحة الشرعية تقتضي الصلاة على الغامدية التي زنت بعد ماعز حتى لا يقول الناس بعد ذلك إجماعاً: لا يصلى على المحدود أو على الزاني وإن حد؛ لذلك صلى عليها النبي صلى الله عليه وسلم، فجمع بين المصلحتين: جواز صلاة الإمام على أصحاب الذنوب والمعاصي إن تابوا منها وأقيم الحد عليهم، ويترك ذلك أحياناً لزجر الأحياء ألا يقعوا في مثل هذه الجرائم والمهلكات.
فالراجح: النظر إلى المصلحة، إن دعت إلى الصلاة صلى الإمام، وإن دعت إلى ترك الصلاة ترك الإمام الصلاة وأمر الناس أن يصلوا، لكن في كل الأحوال يصلى على المحدود؛ لأنه لا يزال مسلماً، ولكن الخلاف قوي في: هل يصلي الإمام عليه أم يأمر الناس أن يصلوا ويدع الصلاة هو؟ وهذا ينظر فيه إلى مصلحة الأحياء، لا إلى مصلحة الميت فحسب، والله تعالى أعلم.