[عدد المنافقين في عهده صلى الله عليه وسلم]
قال: [حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا أسود بن عامر -المعروف بـ شاذان - حدثنا شعبة بن الحجاج عن قتادة عن أبي نضرة -وهو المنذر بن مالك بن قطعة - عن قيس -وهو ابن عباد أبو عبد الله البصري مخضرم- قال: (قلت لـ عمار: أرأيتم صنيعكم هذا الذي صنعتم في أمر علي أرأياً رأيتموه، أو شيئاً عهده إليكم رسول الله صلى الله عليه وسلم؟).
أي: أن قيس بن عباد يقول لـ عمار بن ياسر: ما هي الحكاية التي بينكم وبين علي بن أبي طالب، فهل هذا الأمر هو اجتهاد منكم، أو أن هذا عهد أوصاكم به النبي عليه الصلاة والسلام؟ [فقال: (ما عهد إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئاً لم يعهده إلى الناس)].
وهذا فيه رد على الشيعة الذين يقولون: بأن علي بن أبي طالب كانت معه صحيفة خصه بها النبي عليه الصلاة والسلام، ومن باب أولى تكذيب للشيعة القائلين بأن القرآن الذي بين أيدي أهل السنة لا يبلغ ثلث القرآن الذي كان بيد فاطمة رضي الله عنها.
قال: [ولكن حذيفة أخبرني عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (في أصحابي اثنا عشر منافقا ً)].
وإطلاق قوله عليه الصلاة والسلام: (أصحابي) ثم يذكر المنافقين هذا يدل على أن المنافقين إنما دخلوا في الظاهر في صحبة النبي عليه الصلاة والسلام، فهو ذكرهم من باب العرف أو التغليب.
[قال صلى الله عليه وسلم: (في أصحابي اثنا عشر منافقاً، فيهم ثمانية لا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط)].
يعني: لا يدخلون الجنة أبداً؛ لأنه لا يمكن أبداً أن يلج الجمل في سم الخياط، وسم الخياط خرم الإبرة، فهل يتصور أن يدخل البعير في خرم الإبرة؟ لا يمكن.
فقال: [(فيهم ثمانية لا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط، ثمانية منهم تكفيكهم الدبيلة)].
ثم فسر الدبيلة فقال: [(سراج من النار يظهر في أكتافهم حتى ينجم من صدورهم)] يعني يظهر ويعلم.
الدبيلة هي: عبارة عن شعلة من النار تظهر في أكتافهم من الخلف حتى تخرج من صدورهم، فربنا سبحانه وتعالى قد كفى المؤمنين شر هؤلاء.
فماتوا بهذه العلامة أمام أعين الأصحاب رضي الله عنهم، فهذا يقين أنهم من المنافقين حتى وإن لم يسموا لعامة الأصحاب، فإذا ماتوا بهذه العلامة تيقن الأصحاب أن هؤلاء من المنافقين.
قال: [(لا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط، ثمانية منهم تكفيكهم الدبيلة) وأربعة لم أحفظ ما قال شعبة فيهم].
وسم الخياط يقال فيه: سِم أو سُم.
وهذا الحديث هو من مسند حذيفة بن اليمان رضي الله عنه.
قال: [حدثنا محمد بن المثنى ومحمد بن بشار واللفظ للأول، قال: حدثنا محمد بن جعفر -المعروف: بـ غندر - حدثنا شعبة عن قتادة عن أبي نضرة عن قيس بن عباد قال: قلنا لـ عمار: (أرأيت قتالكم أرأياً رأيتموه -أي: أهذا اجتهاد منكم؟ فإن الرأي يخطئ ويصيب- أو عهداً عهده إليكم رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال: ما عهد إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئاً لم يعهده إلى الناس كافة).
وقال: (إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن في أمتي) قال شعبة وأحسبه قال: حدثني حذيفة، وقال غندر أنه قال: (في أمتي اثنا عشر منافقاً لا يدخلون الجنة، ولا يجدون ريحها)].
يعني: لا يشمون رائحة الجنة، [(حتى يلج الجمل في سم الخياط، ثمانية منهم تكفيكهم الدبيلة) وهي: سراج من النار يظهر في أكتافهم حتى ينجم يظهر ويعلو من صدورهم)].
أي: حتى يفضحهم في الدنيا والآخرة.
قال: [حدثنا زهير بن حرب قال: حدثنا أبو أحمد الكوفي -وهو المشهور بـ أبي أحمد الزبيري، ولا يكنى في هذه الطبقة أبو أحمد من رجال مسلم غيره، وهو أبو أحمد الزبيري الكوفي محمد بن عبد الله بن الزبير الأسدي - قال: حدثنا الوليد بن جميع -وجميع جده، وهو ينسب لجده؛ لكثرة الملازمة، فهو الوليد بن عبد الله بن جميع الزهري المكي الكوفي - قال: حدثنا أبو الطفيل عامر بن واثلة -وهو آخر الصحابة موتاً على الإطلاق، فقد عُمَّر طويلاً- قال أبو الطفيل: كان بين رجل من أهل العقبة وبين حذيفة بعض ما يكون بين الناس].
العقبة اسم مكان قريب من تبوك، و