عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن في الجنة مائة درجة، أعدها الله للمجاهدين في سبيله، ما بين الدرجتين كما بين السماء والأرض).
ودرجات الجنة مائة درجة، وبعض أهل العلم قال: لا يعلم درجات الجنة إلا الله، وهذا القول استنباطاً من قوله عليه الصلاة والسلام:(يقال لتالي القرآن وقارئه: اقرأ وارق ورتل؛ فإن منزلتك عند آخر آية كنت تقرؤها)، فقال: درجات الجنة بعدد آيات القرآن الكريم؛ لأن ظاهر الحديث يقول هكذا، وبالتالي ليست درجات الجنة معلومة، لأن آيات القرآن الكريم محل نزاع بين أهل العلم، فمنهم من يعد الآيتين آية واحدة، ومنهم من يعد الآيتين آيتين، وهذا أمر مقارب.
وهل المقصود أنه يقرأ آخر ختمة له، أم أن ذلك في حياته كلها، فإذا فرغ من القرآن بدأ القرآن مرة أخرى، فعدت له درجات، ولا تزال في مزيد وارتفاع؟ هذا محل نزاع بين أهل العلم.
فالذي يقول: درجات الجنة غير معروفة، فقوله هذا من جهة المفهوم لا المنطوق، وهو أن النبي عليه الصلاة والسلام يقول لقارئ القرآن:(اقرأ، وارتق، ورتل، فإن منزلتك عند آخر آية)، فهو فهم من النص ألا نهاية لدرجات الجنة، وأنه لا يعلمها إلا الله، وهذا هو مفهوم.
وأما قول النبي عليه الصلاة والسلام:(إن في الجنة مائة درجة، ما بين الدرجتين كما بين السماء والأرض)، فهذا منطوق، والمنطوق هو ما جاء في الكتاب أو السنة، والمنطوق مقدم على المفهوم، لكنه عليه الصلاة والسلام قال:(أعدها الله للمجاهدين في سبيله)، فدل هذا القيد على أن الأصل في درجات الجنة أنها مائة درجة بغير زيادة ولا نقصان، وأنها للمجاهدين من باب التشريف، وأن لهم في كل درجة من درجات الجنة، فدرجات الجنة لا تزيد على العدد المذكور.
هذا كلام أهل العلم من أهل الأصول فيما يتعلق بالقضية المتنازع فيها، والتي يحكمها المنطوق والمفهوم، فلو تعارض المنطوق مع المفهوم قدم المنطوق واعتمدنا عليه.
وقال عليه الصلاة والسلام:(إن الجنة مائة درجة، ما بين كل درجتين مسيرة مائة عام)، وفي رواية قال:(كما بين السماء والأرض).