[الفرق بين أسماء الله المتعدية وغير المتعدية]
السؤال
ذكر فضيلة الشيخ ابن عثيمين في شرحه لكتاب لمعة الاعتقاد لـ ابن قدامة أربع قواعد هامة في أسماء الله وصفاته، وذكر في القاعدة الثانية في الفرع الرابع: كل اسم من أسماء الله يدل على ذات الله، وعلى الصفة التي يتضمنها، وعلى الأثر المترتب عليه إن كان متعدياً، أرجو من فضيلتكم بيان الفرق بين الأسماء المتعدية وغير المتعدية؟
الجواب
في الحقيقة لم يتكلم عن اسم متعد، إنما تكلم عن صفة، يقول: كل اسم من أسماء الله يدل على ذات الله، وعلى الصفة التي تضمنها، وعلى الأصل المترتب عليه إن كان متعدياً.
فالله تبارك وتعالى تسمى بالرحيم، فلا يجوز لأحد أن يتسمى بأسماء الله عز وجل، يعني: يحرم على العبد أن يكون اسمه: الرحيم، الكريم، الغفور وغير ذلك من أسماء الله المعرفة بالأف واللام، إلا أن تكون مضافة للعبودية، كعبد الرحيم، وعبد الغفور، وعبد التواب، وعبد القهار وغير ذلك من أسماء الله عز وجل.
والذي يترجح لدي أن الصفات مشتقة من الأسماء وليس العكس؛ لأن باب الصفات أوسع وأشمل وأعم من باب الأسماء، فلو قلنا: إن الصفات تشتق من الأسماء لقلنا: جميع الأسماء تدل على الصفات، ولو قلنا: إن الأسماء هي التي تشتق من الصفات للزمنا أن نشتق من كل صفة اسماً، فتصبح الأسماء في نهاية الأمر إلى مئات الأسماء؛ لأن باب الصفات أوسع، فلو اشتققنا من كل صفة اسماً لكانت الأسماء أكثر مما هو معلوم في كتاب الله وفي سنة النبي عليه الصلاة والسلام.
فكل اسم يدل على صفة وليس العكس، وهذا معنى الاشتقاق، فالرحيم اسم يدل على الرحمة، والتواب اسم يدل على قبول التوبة من العبد، والحميد اسم يدل على صفة الحمد وغير ذلك من الأسماء، وكل اسم له صفة، وأحياناً الصفة تكون متعدية، وأحياناً تكون لازمة لا تعدي لها.
كالرحيم يشتق منه الرحمة، وهذه الرحمة متعلقة من جهة الصفة بالله عز وجل، ومن جهة الأثر بالخلق، يعني: الأثر المترتب على هذه الصفة المشتقة من هذا الاسم متعلق بالخلق، وهذا معنى التعدي.
كما أقول لك: الزكاة نفعها متعد، وليس لازماً فحسب، بل لها نفع لازم ونفع متعد، النفع اللازم هو الذي ينفع المزكي، فعندما تأخذ أموال زكاتك وتتصدق بها وتزكي بها، فأنت منتفع بهذا، والمنفعة ظهرت في قوله تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا} [التوبة:١٠٣]، فالذي يؤدي الزكاة إنما يطهر بها نفسه وماله، وهذا نفعه اللازم له.
أما نفعه المتعدي والأثر المترتب على إخراج الزكاة فهو كفاية الفقير، أو غنى الفقير، فهذا نفع قد تعدى إلى الغير، لذلك فالنفع المتعدي هو الذي يشمل الآخرين.
فصفة الرحمة لله عز وجل هي صفة ذات لله لازمة له ومتعدية إلى الخلق من جهة الأثر، فأثرها متعدٍ في رحمة الخلق، ولذلك في الحديث: (إن لله تبارك وتعالى مائة رحمة، أنزل بين الخلائق رحمة واحدة فبها يتراحم جميع الخلائق، حتى إنك لتجد الدابة العجماء ترفع حافرها عن وليدها مخافة أن تصيبه)، وهذا من جراء تلك الرحمة أو من أثر تلك الرحمة.
(واختزن الله عز وجل تسعاً وتسعين رحمة يرحم بها عباده في عرصات القيامة).
إذاً: الرحمة هذه متعدية، وقس على هذا المثال بقية الأسماء والصفات.
أما الحمد، فلا يُحمد أحد غير الله عز وجل، فالحمد لازم غير متعد.