[الأحاديث الواردة في باب الأنفال]
[وحدثنا قتيبة بن سعيد قال: حدثنا أبو عوانة -وهو الوضاح بن عبد الله اليشكري - عن سماك بن حرب عن مصعب بن سعد بن أبي وقاص -رحمه الله تعالى ورضي عن أبيه- عن أبيه قال: (أخذ أبي من الخمس سيفاً)]؛ أي: أخذ من حظ النبي صلى الله عليه وسلم من الخمس.
ولم يقل: أخذ من الغنائم، ومصعب بن سعد يتكلم عن أبيه ويقول: [(أخذ أبي من الخمس سيفاً، فأتى به النبي صلى الله عليه وسلم فقال: هب لي هذا)]؛ أي: اجعل هذا السيف هبة لي.
وهذا يدل على أن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه كان يعلم أن هذا السيف إنما خرج في خمسه عليه الصلاة والسلام، وهو خاص به عليه الصلاة والسلام؛ ولذلك طلب منه أن يجعله له هبة.
قال: [(فأبى)] أي: رفض أن يُعطي سعداً هذا السيف هبة، كيف لا وهو مالك لذلك، فالنبي عليه الصلاة والسلام حكم فيما يملك.
أي: في الخمس الخاص به [(فأنزل الله عز وجل: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَنْفَالِ قُلِ الأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ} [الأنفال:١])].
[حدثنا محمد بن المثنى وابن بشار -وابن بشار.
اسمه محمد، كلاهما بصري في سن واحدة كانا كفرسي رهان في العلم والعبادة، حتى إنهما ماتا في سنة واحدة- واللفظ لـ ابن المثنى قالا: حدثنا محمد بن جعفر -وهو المعروف بـ غندر أي: مشاغب- حدثنا شعبة بن الحجاج العتكي] إمام البصرة، إمام الجرح والتعديل، وسيد العلل في زمانه، ومحمد بن جعفر ربيبه، تزوج شعبة بأم محمد بن جعفر حينما مات أبوه.
[عن سماك بن حرب عن مصعب بن سعد عن أبيه قال: (نزلت فيّ أربع آيات)] سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه يبيّن أن الله تعالى أنزل فيه أربع آيات.
قال: [(أصبت سيفاً فأتى به النبي صلى الله عليه وسلم)] أي: أنه أخذ سيفاً من الخمس، فجاء به إلى النبي صلى الله عليه وسلم [(فقال: يا رسول الله! نفلنيه)] أي: أعطنيه نافلة -أي: بغير حق- ليس هذا حظ سعد في الغنيمة، وإنما هذا فوق حظه في الغنيمة؛ ولذلك طلب من النبي عليه الصلاة والسلام أن يجعله له نافلة [(فقال: نفّلنيه، فقال النبي عليه الصلاة والسلام: ضعه -أي: اترك السيف- ثم قام فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: ضعه من حيث أخذته.
ثم قام فقال: نفلينه يا رسول الله! فقال: ضعه، فقام فقال: يا رسول الله! نفلينه! أأُجعل كمن لا غناء له؟)] والغناء بمعنى: الكفاية.
أي: أتجعلني يا رسول الله كغيري؟ فـ سعد رضي الله عنه يرى أن له ميزة على غيره، فقد كان فارساً مجاهداً شجاعا ًقوياً مقداماً، وغيره ربما لا يكون كذلك، فضلاً عن قرابة سعد من النبي عليه الصلاة والسلام، فـ سعد خال للنبي عليه الصلاة والسلام، وأنتم تعلمون أن النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة أحد قال: (ارم سعد فداك أبي وأمي) ولما سُر النبي عليه الصلاة والسلام بشجاعة سعد قال: (هذا سعد خالي فليرني أحدكم خاله) يفاخر عليه الصلاة والسلام بخاله سعد بن أبي وقاص.
قال: [(فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: ضعه من حيث أخذته.
قال: فنزلت هذه الآية: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَنْفَالِ قُلِ الأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ} [الأنفال:١])].
هناك أربع آيات نزلت في سعد بن أبي وقاص: هذه الآية، وآية في بر الوالدين، وآية في تحريم الخمر، وقول الله تعالى: {وَلا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ} [الأنعام:٥٢].
والحديث عند مسلم بزيادة -أي: بإثبات هذه الثلاث- في مناقب سعد بن أبي وقاص.
[حدثنا يحيى بن يحيى -أي التميمي - قال: قرأت على مالك عن نافع عن ابن عمر قال: (بعث النبي صلى الله عليه وسلم سرية وأنا فيهم قِبَل نجد -ونجد الآن تمثّل منطقة الرياض وما حولها- فغنموا إبلاً كثيرة)] أي: كان من آثار هذه السرية ودخولهم مع المشركين أن غنموا بعد نصرهم على عدوهم إبلاً كثيرة.
قال: [(فكانت سهمانهم اثنا عشر بعيراً، أو أحد عشر بعيراً، ونُفّلوا بعيراً بعيراً)].
أي: أنه كان سهم كل واحد من السرية اثني عشر بعيراً أو أحد عشر بعيراً، أما الأنفال فواحد لكل فارس.
إذاً: السهم من أصل الغنيمة: لكل واحد اثنا عش