للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[حكم النظر إلى المخطوبة]

السؤال

ما حكم الشرع في رؤية المخطوبة؟ وكم عدد مرات الرؤية الشرعية؟

الجواب

بمجرد أن رأيتها ووقعت في قلبك ليس لك أن تراها إلا بعد العقد، والرؤية ليست مرهونة بعدد معين، لا واحد ولا اثنين ولا ثلاثة ولا أربعة، وإنما أقل مجالس الرؤية واحد، رآها مثلاً ماشية في الشارع، كانت جارة له وترقبها حتى رآها هذا مأذون له شرعاً، كما فعل جابر، ومحمد بن مسلمة والمغيرة بن شعبة وغيرهم من الصحابة أنهم كانوا يختلسون النظر إلى المرأة، وهذا يجرنا إلى مسألة مهمة جداً، وهي: ماذا يرى الرجل من المرأة؟؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام قال لـ ابن مسلمة: (هل رأيتها؟ قال: لا.

قال: انظر إليها فإن في أعين الأنصار شيئاً).

وقال للمغيرة: (انظر إليها فإنه أحرى أن يؤدم بينكما فنظرت إليها حتى رأيت منها ما يسرني.

وفي رواية: قال: فاختبأت لها فرأيتها من نخل) يعني: اختبأ في بستان حتى رآها.

والمرأة في بيتها قد تكون لابسة ملابسها العادية وقد تكون كاشفة شعرها، والرقبة وشيئاً من الصدر، وقد تكون كاشفة الذراعين، أو كاشفة شيئاً من الساقين، فيجوز النظر إلى هذا، بل هذا هو المذهب الراجح في القضية، وجمهور الفقهاء يقولون: لا ينظر إلا إلى الوجه والكفين، ولا دليل معهم في ذلك.

وهم يقولون: الوجه يدل على النضرة، واليد تدل على السمنة والنحافة؛ لأن جمال المرأة في وجهها في الغالب؛ لأن المرأة لو كان جسمها جميلاً لكنها دميمة الخلقة فإنها لا تعجب الرجال، فتبين أن جمال المرأة دائماً إنما هو في وجهها.

المذهب الثالث في القضية هو مذهب الظاهرية: قالوا: للرجل أن يجردها -بالدال- لأن بعض أهل العلم صحفها إلى الباء، وهذه مصيبة سوداء، فقال: له أن يجربها، وهذا بلاء عظيم جداً، ولم ينتبه إلى هذا التصحيف، وهذا المذهب قد اعتمد على قصة أم كلثوم بنت علي بن أبي طالب لما أرسلها علي إلى عمر ليراها، فكشف عمر عن ساقها، قالت: لولا أنك أمير المؤمنين لفقأت عينيك.

وهذه البنت كان عمرها (١٠ - ١١) سنة، وهذه الرواية غير صحيحة لا تثبت من جهة الإسناد، ولا من جهة المعنى، وإن هذه ليست أخلاق عمر رضي الله عنه، حتى لو كان هذا من حقه فالظن به أنه يتورع عن ذلك.

أما من جهة الرواية والسند فإن السند إلى عمر منقطع، فيبقى أمامنا مذهبان: المذهب الأول: مذهب جماهير الفقهاء وهو: للخاطب أن يرى من مخطوبته الوجه والكفين، ولو طلب الخاطب أن يرى المرأة في حالتها الطبيعية في بيتها فله ذلك، وهذا الذي يترجح إلي من جهة الدليل، ولكني لو تعرضت لمثل هذا لرفضت وكرهت ذلك.