[شرح حديث كعب بن عجرة في حلق الرأس للمحرم عند الحاجة]
قال المصنف رحمه الله تعالى: [قال كعب بن عجرة رضي الله عنه: (أتى علي رسول الله صلى الله عليه وسلم زمن الحديبية وأنا أوقد تحت قدر لي أو برمة لي، والقمل يتناثر على وجهي، فقال: أيؤذيك هوام رأسك؟ قال: قلت: نعم.
قال: فاحلق وصم ثلاثة أيام، أو أطعم ستة مساكين، أو انسك نسيكة)].
فإذاً: حلق الرأس جائز لمن كانت به علة شرعية، وغير جائز لمن لم تكن به علة شرعية.
وإذا قامت العلة وحلق صاحب العلة رأسه في غير وقت الحلق المشروع له في النسك، فإنما عليه الكفارة، وكفارته: أن يصوم ثلاثة أيام، أو يطعم ستة مساكين، بقدر ثلاثة آصع، والصاع: أربعة أمداد، والمد: ملء الكفين من الطعام، فكأنه قال: عن كل يوم صاع إذا ما أراد الصيام؛ لأن هذه الكفارات على سبيل التخيير لا على سبيل الترتيب: صم أو أطعم أو انسك، و (أو) للتخيير عند الأصوليين.
فهنا إذا صام ثلاثة أيام فقد كفر عن حلقه شعره، وإذا اختار الإطعام فليطعم ستة من المساكين، لكل مسكين نصف صاع من طعام، وإذا اختار الذبح فعليه أن يذبح شاة.
قال أيوب وهو راوي الحديث: فلا أدري بأي ذلك بدأ، وهذا المصطلح من الراوي، أو من غيره من أهل العلم من رواة الأحاديث إنما يدل على التخيير.
روى أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي عليه السلام قال:(أربع كلمات لا يضرك بأيهن بدأت: سبحان، والحمد لله، والله أكبر، ولا إله إلا الله)، وهي الأذكار التي تقرأ دبر الصلوات المكتوبات: سبحان الله ثلاثاً وثلاثين مرة، والحمد لله ثلاثاً وثلاثين مرة، والله أكبر ثلاثاً وثلاثين مرة، ولا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير مرة واحدة، وهي تمام المائة.
لكن لا يضرك بأي واحدة من الأربع بدأت، وهذا يدل على التخيير، فابدأ بأي هذه الكلمات الأربع فإنه لا يضرك.