المرجّح الثاني سداد وقوة شرط البخاري في صحيحه على شرط مسلم.
اتفقنا على صحة الشرطين، لكن يبقى هناك شرط أسد وأقوى، وقد تكلمنا في مسألة اللقاء الذي اختلف فيه البخاري ومسلم وشنع فيه مسلم في مقدمة صحيحه حتى قيل: إنه يقصد البخاري، وقيل: إنه يقصد علي بن المديني، وعلى فرض أنه يقصد مذهباً ولا يقصد شخصاً، فإنه لا شك أن الذي يشرط ثبوت اللقاء بين الراوي وشيخه أقوى ممن اكتفي بمجرد المعاصرة، وإن كنا نقول بصحة شرط الإمام مسلم إلا أننا نقول: إن شرط البخاري أصح وأسد وأقوى وأكثر اطمئناناً للنقل.
فما دام هذا الشرط أسد وأقوى فهذا مرجّح يرجّح البخاري على مسلم.
فالرجال المتكلم فيهم عند الإمام البخاري أقل من الرجال المتكلَّم فيهم عند الإمام مسلم، وهذا وحده كاف في ترجيح البخاري في الجملة على مسلم؛ لأن النقد الموجه إلى الرجال عند الإمام البخاري أقل من النقد الموجه إلى الرجال عند الإمام مسلم.