للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ما يستلزمه الإيمان بالله]

إن الحمد لله تعالى، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، إنه من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليماً كثيراً.

وبعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله هي الركن الركين والأصل الأصيل في أركان الإسلام.

فقد قال لما سئل: (ما الإسلام؟ قال: أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله)، ثم عدد بعد ذلك فرائض الإسلام، فقال: (وأن تقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلاً).

وسنؤخر الكلام عن بقية الشرائع؛ لأنه سيأتي لها كلام مستفيض من خلال تعرضنا لشرح الفقه من صحيح مسلم، فهناك أبواب خاصة بالصلاة، وأخرى بالزكاة، وأخرى بالصوم والحج كذلك.

ثم سأل جبريل عليه السلام النبي صلى الله عليه وسلم عن الإيمان، فقال: (ما الإيمان؟ قال: أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وأن تؤمن بالقدر خيره وشره)،.

وسنتعرض هنا لأول ركن من أركان الإيمان، وهو الإيمان بالله عز وجل، وأركان الإيمان -كما هو معروف- ستة: الإيمان بالله، والإيمان بالملائكة، والإيمان بالكتب، والإيمان بالرسل، والإيمان باليوم الآخر، والإيمان بالقدر خيره وشره.

والإيمان بالله يستلزم أمرين: الأمر الأول: الإيمان بوجود الله عز وجل.

والأمر الثاني: الإيمان بتوحيد الله عز وجل.

ولابد من هذين الركنين حتى يستقيم الإيمان بالله عز وجل، فلابد من الإيمان بوجود الله تعالى، ثم توحيده عز وجل، فهذان ركنان ركينان لابد منهما، ولا يستقيم إيمان العبد بواحد منهما دون الآخر، فمن آمن بوجود الله عز وجل ولم يوحده فليس بمؤمن، ومن وحد الله عز وجل ولم يكن مؤمناً بوجوده عز وجل فلا شك أنه يجري خلف سراب، وقد ركب مركباً صعباً، إذ كيف يوحد عدماً أو سراباً؟! فلا يستقيم توحيد العبد لله عز وجل إن لم يكن مؤمناً بوجود الله عز وجل.

وأما الركن الثاني فهو توحيد الله عز وجل، وهو ينقسم إلى ثلاثة أقسام: توحيد الربوبية، وتوحيد الإلوهية أو الإلهية، وتوحيد الأسماء والصفات.

فمن لم يؤمن بوجود الله عز وجل فليس بمؤمن، ومن آمن بوجود الله ولم يؤمن بانفراده بالربوبية فليس بمؤمن كذلك، ومن آمن بالله وأنه منفرد عز وجل بالربوبية ولكنه لم يؤمن بألوهية الله عز وجل فليس بمؤمن كذلك.

وتوحيد الألوهية هو الذي أرسل الله عز وجل من أجله الرسل وأنزل عليهم الكتب؛ حتى يقام توحيد الله عز وجل، وتوحيد الإلهية يسمى كذلك توحيد العبادة، ومن آمن بالله وانفراده بالربوبية والألوهية ولم يؤمن بأسمائه وصفاته فليس بمؤمن.