قال النووي رحمه الله:(وأجمع العلماء على أن هذه المواقيت مشروعة).
والمشروع عبارة عن المستحب أو الواجب، ومن فقه الإمام النووي ودقته أنه قال: إجماع العلماء منعقد على مشروعية هذه المواقيت، ولما وقع الخلاف بينهم في الاستحباب والوجوب لم يذكره، وإنما ذكر أن الإجماع انعقد على مشروعية هذه المواقيت، فقال:(وأجمع العلماء على أن هذه المواقيت مشروعة.
ثم قال مالك وأبو حنيفة والشافعي وأحمد والجمهور: هي واجبة، لو تركها وأحرم بعد مجاوزتها أثم ولزمه دم وصح حجه).
يصح عند الجمهور وفيه فداء، فمثلاً الذي يمر برابغ وهو يريد أداء النسك، ثم فوجئ بأن الطائرة قد نزلت في مطار جدة وهو لم يحرم فقد اختلف فيه العلماء، فإما أن يرجع إلى الميقات ويحرم منه، وإما أنه يحرم من المكان الذي نزل فيه وعليه دم، يعني: يذبح شاة، وقد لزمه الإثم.
والإثم يلحق المتعمد، ولا يرفع عنه الإثم إلا التوبة، ومع هذا يلزمه دم، فيذبح شاة لفقراء الحرم وحينئذ يصح حجه أو عمرته.
قال:(وقال عطاء والنخعي: لا شيء عليه) ولكن هذا الكلام محمول على من ترك الميقات ناسياً أو مخطئاً حتى أكمل حجه.
قال:(وقال سعيد بن جبير: لا يصح حجه)؛ لأنه ترك الميقات متعمداً.
والأخذ بقول الجمهور فيه النجاة والعصمة.
فـ عطاء والنخعي قالا: لا شيء عليه، يعني: يحرم من أي مكان، وهذا القول مردود لو كان عامداً، وأما إذا كان ساهياً فلا شيء عليه؛ لأن المخطئ والناسي لا شيء عليهما في الشرع، وعلى هذا لو أن شخصاً نام في الطائرة أو في الباخرة ولم يستيقظ إلا في جدة ولم يحرم من الميقات فإنه لا حرج عليه حينئذ؛ لأنه لا يستوي الناسي أو النائم مع المتعمد، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول:(ورفع القلم عن النائم حتى يستيقظ)، وأما سعيد بن جبير فقوله شديد جداً، هو أقوى الأقوال.
قال:(وفائدة المواقيت: أن من أراد حجاً أو عمرة حرم عليه مجاوزتها بغير إحرام ولزمه الدم كما ذكرنا.
قال الشافعية: فإن عاد إلى الميقات قبل التلبس بنسك سقط عنه الدم، وفي المراد بهذا النسك خلاف منتشر).