الشروط التي يجب توافرها في المسروق منه هو شرط واحد: ينبغي أن يكون حرزاً، والحرز مداره على العرف، والحرز: هو الموضع المعد لحفظ الشيء مثل الدار والدكان والإسطبل والمراح والجرين ونحو ذلك، ولم يرد فيه ضابط من جهة الشرع ولا من جهة اللغة، وإنما يرجع فيه إلى العرف.
فإذا سرق شخص من الدكان فقد سرق من حرز، أو سرق من الدار كذلك سرق من حرز، لكن يشترط أن يكون الدار بابها مغلق، وكذلك من سرق الماشية من الإسطبل، فالإسطبل يعد بالنسبة للدواب والحيوانات حرزاً.
والجرين هو الجُرن، وهو المكان الفسيح الذي يقوم المزارع أو الفلاح بحرثه أو بثمره، والعلماء يسمونه الجرين تصغير الجرن؛ لأن الجرن هو المكان الفسيح جداً، فحينئذ لو أن واحداً سرق من الزرع في سنبله وهو في الأرض فإنه لا يحد، لأن الأرض ليست حرزاً، ولو أنه سرق من الجرين أو من الجرن فإنه يعد حرزاً؛ فمن سرق من الجرين أو من الجرن مالاً أو ثمراً أو زرعاً يبلغ النصاب يقام عليه الحد.
والعلماء مجمعون على أن الإنسان حرز لنفسه، وقد كان العرب في القدم إذا أرادوا أن يخبئوا شيئاً خبئوه في أكمامهم، حتى أهل العلم أنفسهم كانوا يخبئون الدفاتر في الأكمام ويربطونها كما ورد في ترجمة الحافظ ابن حجر والإمام العراقي والزبيدي وغيرهم، كان الواحد منهم يضع الدفتر فيه مائة ألف حديث في كمه، ويربط عليها، ويأخذها من مصر القديمة إلى منطقة الإمام الشافعي، أو من منطقة الإمام الشافعي إلى منطقة المنيل حيث موطن الحافظ ابن حجر رحمه الله، فكان الواحد منهم يضع كتبه في كمه ويربطها ويجري إلى أن يصل إلى حلقة الشيخ، ففي هذه الحالة كان الواحد منهم يضع ماله في كمه، والآن أصبح عندنا جيوباً أمامية وخلفية وجانبية.
ويقال: فلان هذا شاطر.
يعني: سارق، يشطر جيوب الناس بالمشطرة، وهي الموس أو السكينة أو الخنجر، ويخرج منها ما فيه ويذهب، والحد يثبت بالإقرار، أو بشهادة عدلين، ويتوقف على طلب المسروق، وهذا مذهب جماهير العلماء.