قال:(قوله عليه الصلاة والسلام: (إن زنت فليجلدها الحد ولا يثرب عليها، ثم إن زنت الثالثة فتبين زناها فليبعها ولو بحبل من شعر) فيه أن الزاني إذا حد ثم زنا ثانياً يلزمه حد آخر).
وهذا في كل الحدود، فالسارق إذا سرق تقطع يده اليمنى، فإذا سرق الثانية تقطع اليسرى، فإذا سرق الثالثة تقطع رجله اليمنى، فإذا سرق الرابعة تقطع اليسرى، وكالذي شرب الخمر مرة وجاء وأقر أو رآه الناس يشرب الخمر فأقيم عليه حد الخمر، فرجع فشرب مرة أخرى فأقيم عليه مرة ثانية، ورجع فشرب ثالثاً فأقيم عليه الحد، وفي الرابعة خلاف بين أهل العلم، وأرجح الأقوال فيه: أنه إذا شرب الرابعة يقتل؛ لقوله عليه الصلاة والسلام:(إذا شرب فاجلدوه، فإن عاد فاجلدوه، فإن عاد فاجلدوه، فإن عاد في الرابعة فاقتلوه)، وأنتم تعرفون الشيخ أحمد شاكر عليه رحمة الله، له كتاب رائع جداً، اسمه:(قتل مدمني الخمر) واعتبر أن العود للسكر والشرب مرة ثالثة ورابعة إدمان، والنص صريح في مسند الإمام أحمد:(إذا شرب فاجلدوه، ثم إذا عاد فاجلدوه، ثم إذا عاد فاجلدوه، ثم إذا عاد في الرابعة فاقتلوه).
والشيخ أحمد شاكر صحح هذه الرواية، ثم انطلق بعد ذلك إلى الحياة العملية للإفتاء، وأنتم تعرفون أن الرجل هذا كان قاضياً شرعياً، وكان من القضاة المرموقين في زمانه، وكان جريئاً في الحق لا يخشى في الله لومة لائم، فقال: الحكم الشرعي في مدمن الخمر: القتل وهذا الذي تطمئن إليه النفس لصحة الدليل وقوته وصراحته؛ لأنه لا يحتاج إلى تأويل، فكذلك الذي يرتكب أي حد من حدود الإسلام يطبق عليه فإن عاد يطبق.
فإن قيل: شخص زنا ثم زنا ثم زنا ثم أتى فأقر بين يدي القاضي قال: أنا يا سيدي القاضي! زنيت مائة مرة، فهل نقيم عليه الحد مائة مرة؟ إذا جاز هذا عقلاً في غير المحصن؛ فإنه لا يجوز عقلاً ولا شرعاً في المحصن، فالمحصن لو جاء وقال: أنا متزوج، وقد زنيت أربع مرات فهل يقول القاضي: نرجمك أربع مرات؟ فلما اتفق أهل العلم على أن من ارتكب ما يستوجب الحد أقيم عليه فإن عاد أقيم عليه ثانياً، لكن إذا ارتكب ما يستوجب الحد عدة مرات فلا يقام عليه الحد إلا مرة واحدة، سواء كان محصناً أو غير محصن.
قال:(الزاني إذا حد ثم زنا ثانياً يلزمه حد آخر، فإن زنا ثالثة لزمه حد ثالث، فإن حد ثم زنا لزمه حد رابع وهكذا أبداً، قال: وأما إذا زنا مرات ولم يحد لواحدة منهن فيكفيه حد واحد للجميع، فإذا شرب مراراً ولم يحد في واحدة فإنما يلزمه حد واحد).