[شرح حديث ابن عباس فيما يلبسه المحرم]
قال: [حدثنا يحيى بن يحيى وأبو الربيع الزهراني وقتيبة بن سعيد جميعاً عن حماد بن زيد عن عمرو بن دينار عن جابر بن زيد عن ابن عباس].
وجابر بن زيد هو أبو الشعثاء الأزدي البصري مشهور بكنيته، ثقة فقيه، معروف بكنيته دون اسمه.
[عن ابن عباس رضي الله عنهما قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يخطب يقول: (السراويل لمن لم يجد الإزار، والخفان لمن لم يجد النعلين)، يعنى: المحرم].
وفي حديث ابن عباس هذا لم يذكر شرط قطع الخفين، وذكره في حديث عبد الله بن عمر ولا تعارض بين الحديثين؛ لأن حديث ابن عباس مطلق، وحديث ابن عمر مقيد ذلك بالقطع، فيحمل المطلق حينئذ على المقيد، والمحرم لا يجوز له أن يلبس شيئاً فوق الكعبين، والخف يكون إلى فوق الكعبين، وهو يغطي موضع الوضوء من القدم، والنعل: إنما هو شيء يطؤه اللابس بقدمه مرتبط بأعلى قدمه -أي: بظهر القدم- بسيرين أو أكثر من ذلك.
والفرق بين الخف والنعل: أن النعل: لا يغطي الكعبين ولا العقب، والخف يغطيهما، والنبي عليه الصلاة والسلام قال: إذا لم يكن معه نعل ومعه خف فليقطع الخف حتى يكون أسفل من الكعبين، والكعبان هما: العظمتان الناتئتان في أول القدم في أول الساق من جهة الأسفل، فالذي ليس معه نعل ومعه خف حتى يكون مثل النعل أو شبيهاً بالنعل ويلبسه، حتى يظهر مؤخرة قدمه كما يظهر العقب من النعل.
فـ (السراويل لمن لم يجد الإزار، والخفان لمن لم يجد النعلين).
وهذه المسألة يتعرض لها كثير من الناس، فتجد الواحد يسافر ومعه ملابس الإحرام، والإزار والرداء والنعل وكل ذلك، ثم في المطار ينسى فيدخل الملابس إلى مخزن الطائرة، ولا يمكنه في هذه الحالة أن يحصل على ملابسه مرة أخرى فوق الميقات، والذين في الطائرة لن يبيعوا له ملابس الإحرام، ومن مر على الميقات دون إحرام فإما أن يرجع مرة أخرى إلى المقيات، وإما أن يحرم من أي مكان بعد المقيات وعليه دم، ففي هذه الحالة يجوز له أن يلبس السروال بدلاً من الإزار بشرط أن يلبس الإزار إذا تمكن منه ويخلع السروال، والذي لا يقدر على النعل يلزمه على الفور قطع الخف ولبسه.
قال: [حدثنا محمد بن بشار -وهو المعروف بـ بندار - حدثنا محمد بن جعفر -وهو المعروف بـ غندر - وحدثنا أبو غسان الرازي -وهو محمد بن عمرو بن بكر الرازي المعروف بـ زنيج - حدثنا بهز -وهو ابن أسد العمي - قالا جميعاً -يعني: بهز بن أسد العمي ومحمد بن جعفر غندر كلاهما- حدثنا شعبة عن عمرو بن دينار بهذا الإسناد]،: يعني: عمرو بن دينار عن جابر بن زيد عن ابن عباس.
قال: [أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يخطب بعرفات فذكر هذا الحديث.
وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا سفيان -وهو ابن عيينة -، (ح) وحدثنا يحيى بن يحيى أخبرنا هشيم -وهو ابن بشير السلمي الواسطي - (ح) وحدثنا أبو كريب -وهو محمد بن علاء الهمداني - حدثنا وكيع -وهو ابن الجراح الرؤاسي الكوفي - عن سفيان].
وإذا قال وكيع: عن سفيان، فهو سفيان الثوري، وكلاهما كوفي.
قال: [(ح) وحدثنا علي بن خشرم أخبرنا عيسى بن يونس عن ابن جريج، (ح) وحدثني علي بن حجر حدثنا إسماعيل -وهو ابن علية - عن أيوب، كل هؤلاء] أي: كل من سفيان بن عيينة وهشيم بن بشير وسفيان الثوري وابن جريج وأيوب.
قال: [عن عمرو بن دينار بهذا الإسناد -أي: عن جابر بن زيد عن ابن عباس - ولم يذكر أحد منهم -أي: من هؤلاء الخمسة- يخطب بعرفات غير شعبة وحده].
وشعبة في الإسناد السابق يروي عن عمرو بن دينار عن جابر بن زيد عن ابن عباس أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يخطب بعرفات، وأما هؤلاء الخمسة فإنهم رووا نفس الحديث عن ابن عباس ولم يذكروا فيه أن ذلك كان بعرفات، فهذا من باب زيادة الثقة، ولا خطأ في هذه المسألة عند المحدثين.