للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[شرح الأحاديث في النهي عن قول: عبدي وأمتي]

قال: [حدثنا يحيى بن أيوب وقتيبة وابن حجر].

وابن حجر هو علي بن حجر السعدي.

قالوا: حدثنا إسماعيل بن جعفر المدني عن العلاء عن أبيه عن أبي هريرة].

والعلاء هو ابن عبد الرحمن بن يعقوب الحرقي.

[أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لا يقولن أحدكم: عبدي وأمتي، كلكم عبيد الله)].

وهذا النهي موجه للسيد.

أي: إذا اشتريت عبداً من السوق أو غنمت عبداً من غزوة فإن هذا لا يعني أنه عبد وأنت حر، فأنت في حقيقة أمرك عبد كهذا العبد ولكن لله عز وجل، فهو عبد بالنسبة للسيد، والحر ليس عبداً بل هو غلام وفتى، أما السيد فهو رب العبد وسيده ومالكه، ولكن في حقيقة الأمر فإن المالك الحقيقي للسيد والعبد هو الله عز وجل، والعبودية لا تكون إلا لله عز وجل، ولذلك يكره أن يقول السيد: (هذا عبدي)؛ لأن لفظ العبودية خاص بالله عز وجل، وإن أجاز الشرع للسيد أن يقول عبدي؛ فإن هذا ليس على سبيل الدوام، وإنما أجاز له أن يقول عبدي أحياناً؛ للتفريق بينه وبين الحر، وللتفريق بينه وبين السيد، لا أن يطلق السيد لسانه بلفظ عبدي عبدي عبدي، ولكن ليقل: غلامي، فتاي -من الفتى- أما عبدي فإنها لا تقال إلا استثناءً، وأما الاعتياد عليها فمكروه؛ لأنها تشعر بأن هذا السيد رب حقيقي، وفيه نوع ألوهية وليس الأمر كذلك، بل العبودية كلها مصروفة لله عز وجل سواء من الحر أو من السيد.

[(لا يقولن أحدكم: عبدي وأمتي كلكم عبيد الله، وكل نسائكم إماء الله، ولكن ليقل غلامي وفتاي وفتاتي)].

إذا كان عبداً فليقل: غلامي، وإذا كانت أمة فليقل: جاريتي وفتاتي.

[وحدثني زهير بن حرب حدثنا جرير عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا يقولن أحدكم: عبدي فكلكم عبيد الله، ولكن ليقل: فتاي، ولا يقل العبد: ربي)].

وهنا نهي موجه للسيد أن يقول: عبدي؛ لأن العلة أن الكل عبيد لله عز وجل، والكلمة مشعرة بصرف شيء من العبودية لهذا السيد، وليس الأمر كذلك.

وكذلك وجَّه الأمر للعبد ألا يقول لسيده: (ربي)، وإن كان الرب بمعنى القيم، وهذا السيد قيم بشئون عبده وفتاه وغلامه.

ولا بأس أبداً أن تقول: رب البيت، فأنت إذا كنت متزوجاً وعندك زوجة وأولاد وغير ذلك فأنت رب البيت، فكلمة الرب بالألف واللام غير مضافة مخصوصة بالله عز وجل، فلابد من صرف الذهن إلى أنه الرب تبارك وتعالى، أما إذا نويت أن تطلق هذا اللفظ على غير الله عز وجل، فينبغي لك أن تأتي بأمرين: الأمر الأول: تجريده من التعريف أي: من الألف واللام، فلا تقل (الرب) ولكن (ربَ).

الأمر الثاني: إضافته.

فتقول: رب البيت، ورب السيارة وغير ذلك.

قال: [(ولا يقل العبد: ربي، ولكن ليقل سيدي).

قال: [وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وأبو كريب قالا: حدثنا أبو معاوية].

أبو معاوية هو محمد بن خازم الضرير، وأبو كريب هو محمد بن العلاء الهمداني الكوفي.

[وحدثنا أبو سعيد الأشج حدثنا وكيع].

وهو ابن الجراح العتكي.

[كلاهما عن الأعمش].

وهما وكيع ومحمد بن خازم الضرير أبو معاوية.

[والأعمش].

هو سليمان بن مهران الكوفي.

[بهذا الإسناد، وفي حديثهما: (ولا يقل العبد لسيده: مولاي)].

وفي الحقيقة لم يوافق أحد الأعمش في هذه الرواية، ولذلك قال الإمام النووي: اختلف الرواة عن الأعمش في ذكر هذه اللفظة، فلم يذكرها آخرون، وحذفها أصح.

والصحيح أنه لا بأس أن يقول العبد لسيده: يا مولاي، وكأن الأعمش أخطأ في هذه اللفظة.

[وفي حديث أبي معاوية قال: (فإن مولاكم الله عز وجل).