قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثني عبد الأعلى بن حماد النرسي، حدثنا حماد بن سلمة، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، عن عبد الرحمن بن أبي عمرة -وهو قاص من قصاص المدينة- عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يحكي عن ربه عز وجل -أي: أن الحديث قدسي، إذ هو من كلام الله عز وجل- قال:(أذنب عبد ذنباً فقال: اللهم اغفر لي ذنبي)، أي: ألجأ وأتضرع وأستعيذ بك يا رب! (فقال الله تبارك وتعالى: أذنب عبدي ذنباً فعلم أن له رباً يغفر الذنب، ويأخذ بالذنب)].
هنا يقرر قاعدة عظيمة عند أهل السنة والجماعة، وهي أن عبادة المسلم لا بد أن تدور بين الخوف والرجاء، إذ إن الله تعالى يأخذ بالذنب ويغفر الذنب، فلما علم العبد أنه يدور بين الخوف والرجاء، وقد وقع في الذنب، دفعه خوفه من الله عز وجل إلى أن يطلب المغفرة منه سبحانه.
قال:(ثم عاد فأذنب، فقال: أي رب! اغفر لي ذنبي.
فقال تبارك وتعالى: عبدي أذنب ذنباً، فعلم أنه له رباً يغفر الذنب، ويأخذ بالذنب، ثم عاد فأذنب - أي: الثالثة - فقال: أي رب! اغفر لي ذنبي، فقال تبارك وتعالى: أذنب عبدي ذنباً، فعلم أن له رباً يغفر الذنب، ويأخذ بالذنب، اعمل ما شئت فقد غفرت لك).
والتقدير: اعمل يا عبدي! ما شئت من الذنوب ما دمت تحدث بعدها توبة، وهذا لا يعني أنها رخصة من الله عز وجل للعباد بأن يذنبوا، أو أن يقعوا في المعاصي.