[شرح حديث: (كل عمل ابن آدم له يضاعف، الحسنة عشر أمثالها)]
قال: [وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا أبو معاوية - وهو محمد بن خازم الضرير - ووكيع عن الأعمش.
(ح) وحدثنا زهير بن حرب حدثنا جرير - وهو ابن عبد الحميد الضبي - عن الأعمش.
(ح) وحدثنا أبو سعيد الأشج واللفظ له حدثنا وكيع جميعاً عن الأعمش، عن أبي صالح عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (كل عمل ابن آدم له يضاعف، الحسنة عشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف، قال الله عز وجل: إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به)] يعني: أن عمل ابن آدم الذي أخلص فيه لله هو لله، والصيام فوق ذلك وزيادة على ذلك، فلما أخبر النبي عليه الصلاة والسلام بجزاء من توضأ ومن صلى في جماعة، وجزاء من حج، وجزاء من زكى، وجزاء من تصدق، فكل هذه الأعمال ثوابها بيّن مذكور في الأدلة، مع أنها عبادات وفرائض، لكن لما كان الصيام فوق ذلك وأحسن من ذلك، قال الله عز وجل: (إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به)، وذلك أن الصيام قد توافر فيه الإخلاص لله عز وجل.
ثم قال الله تعالى: [(يدع شهوته وطعامه من أجلي)].
أي: مخلصاً لي، أما إن كان لم يتوافر في الصيام الإخلاص فلا شك أن عمله هذا لا ثواب له فيه.
والطعام إذا ذكر بغير شراب يشمل الشراب، كما أن الشراب إذا ذكر بغير طعام يشمل الطعام، كالإسلام والإيمان، وكالمسكين والفقير، إذا ذكر أحدهما شمل معه الآخر، وإذا ذكرا جميعاً كان لكل واحد مدلول، ولذلك تجد في كتب الفقه: باب الأشربة، فتجده يتكلم فيه عن الأطعمة أيضاً، وأحياناً يقول: باب الأطعمة، أو كتاب الأطعمة ويتكلم فيه عن الأشربة؛ لأن إفراد الواحد يشمل معه الثاني، لكن لو قال: كتاب الأطعمة وبعده كتاب الأشربة فإنه يكون قد خص الأطعمة بباب أو بكتاب والأشربة بباب أو كتاب آخر.
فقوله هنا: (يدع شهوته وطعامه من أجلي) الشهوة هي الجماع وما شابهه، والذي يشبه الجماع هو الاستمناء، وهذا بإجماع الأمة، فإذا استمنى الرجل أو استمنت المرأة انطفأت شهوته وانطفأت شهوتها، فالاستمناء شهوة وهو داخل في هذا الحديث.
ومذهب جماهير العلماء سلفاً وخلفاً أن من استمنى في نهار رمضان وجب عليه القضاء، ومنهم من قال: القضاء والكفارة، والكفارة هي إطعام مسكين قدر على الصوم أو لم يقدر.
أما شيخنا الألباني رحمه الله رحمة واسعة فقد خالف الأمة في مثل هذا، فقال: الاستمناء لا يفطر، ولا يفطر إلا الجماع.
وهو رحمه الله مأجور في هذا الاجتهاد أجراً واحداً لا اثنين، ولا يجوز متابعة الشيخ على هذه الفتوى.
قال: [وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا محمد بن فضيل عن أبي سنان] وهو ضرار بن مرة، والكنية أفضل من الاسم؛ لأن ضراراً ومرة من الأسامي المكروهة، ضرار من الضرر ومرة من المرارة، والنبي عليه الصلاة والسلام كان يغير الأسماء القبيحة، لكن هذا من أتباع التابعين.
قال: [عن أبي صالح عن أبي هريرة وأبي سعيد رضي الله عنهما قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الله عز وجل يقول: إن الصوم لي وأنا أجزي به، إن للصائم فرحتين: إذا أفطر فرح، وإذا لقي الله فرح، والذي نفس محمد بيده! لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك)].