قال النووي: [قال القاضي عياض: حديث القسامة أصل من أصول الشرع، وقاعدة من قواعد الأحكام) فكان من حق هذا الحديث أن يضم إلى جوامع كلمه عليه الصلاة والسلام.
ومعنى جوامع الكلم أي: الكلام القليل الذي تنبني عليه أحكام عدة، وهو قليل جداً في مبناه، كثير في معناه، كما قال عليه الصلاة والسلام:(البينة على المدعي واليمين على من أنكر).
فهذا من جوامع الكلام، وموجود في الأربعين النووية، وفي جامع العلوم والحكم، فكل قضية، أو نزاع، أو خصومة، إنما يجب على المدعي أن يقدم بينة فإن عجز عن تقديم البينة وجب على المدعى عليه أن يحلف اليمين.
هذا أصل في كل قضية من القضايا، الذي يزعم أنه صاحب حق فهو مدع يجب عليه أن يقدم البينة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم:(البينة على المدعي).
فإن عجز عن تقديم البينة فالمتهم أو المدعى عليه يجب عليه أن يحلف اليمين، فإن حلف وإلا ثبتت عليه التهمة.
وإجماع الأمة أن حديث (البينة على المدعي واليمين على من أنكر) أصل من أصول الإسلام، وقاعدة عظيمة جداً من قواعد الأحكام وهو كذلك.
وكان ينبغي أن يضم هذا الحديث عقب ذاك الحديث، لأن حديث القسامة على العكس تماماً من حديث البينة، فاليمين هناك على المدعي، والبينة على المدعي في حديث البينة، واليمين على المدعي في حديث القسامة، بل في القسامة اليمين على الطرفين، فهذا الحديث أي: حديث القسامة كالمتمم، والمكمل لقواعد الخصومات بين يدي القاضي فيما يتعلق بالأيمان، والديات، والقصاص، فكان ينبغي أن يكون هذان الحديثان في مكان واحد، وهما من جوامع كلمه صلى الله عليه وسلم.
(قال القاضي عياض: حديث القسامة أصل من أصول الشرع، وقاعدة من قواعد الأحكام، وركن من أركان مصالح العباد، وبه أخذ العلماء كافة من الصحابة، والتابعين، ومن بعدهم من علماء الأمصار الحجازيين، والشاميين، والكوفيين، وغيرهم رحمهم الله تعالى، وإن اختلفوا في كيفية الأخذ بهذا الحديث، فهم متفقون ومجمعون على وجوب الأخذ بحديث القسامة).