الميزة الثالثة كذلك عند الإمام مسلم على البخاري: أن المعلقات التي في الإمام مسلم قليلة جداً إذا قورنت بالمعلقات عند الإمام البخاري، فالمعلقات كما قال أبو علي الغساني عند الإمام مسلم بلغت (١٤) موطناً، وأما الموقوفات فهي كثيرة عند مسلم، ولكنها في أعقاب الأحاديث المرفوعة، أي: بعد أن يذكر حديثاً مرفوعاً إلى النبي عليه الصلاة والسلام يقول: وقال فلان: كذا، وقال أبو هريرة، وقال عبادة، وقال أنس كذا، قوله:(وقال) هذا تعليق، فالمعلقات عند الإمام مسلم أقل بكثير جداً من المعلقات عند الإمام البخاري.
والأمة على أية حال تلقت هذين الكتابين بالقبول على الإجمال لا التفصيل، بدليل أن هناك بعض الأئمة كـ الدارقطني وغيره انتقد على البخاري ومسلم بعض الروايات، فتبين أن قبول الأمة لهذين الكتابين إنما هو على سبيل الإجمال لا التفصيل، أي أنها تلقت الكتابين هكذا جملة وقدمتهما على رأس الكتب المصنفة، فهما أصح الكتب المصنفة، ولا نقول: أصح الكتب المصنفة بعد كتاب الله، فكتاب الله غير مصنّف.
فالأمة حينما تلقت هذين الكتابين بالقبول اختلف أهل العلم في تقديم البخاري على مسلم، أو مسلم على البخاري على ثلاثة أقوال: منهم من جعل الكتابين سواء: البخاري كـ مسلم ومسلم كـ البخاري.