قال:(فوا ببيعة الأول فالأول) أي: عند تكاثر الخلفاء لا شك أن هذا مخالف لظاهر النصوص؛ لأنه لا بيعة إلا لخليفة واحد، فما بالنا وقد انتشر الخلفاء هنا وهناك، وكل يدّعي أنه خليفة وكل يزعم أنه خليفة، كما نسمع أن سلطان المغرب أمير المؤمنين يطبع كتاب التمهيد شرح الموطأ، ويكتب عليه طُبع على نفقة أمير المؤمنين الملك الحسن بن فلان الفلاني المغربي، ثم نجد مثيلاً له في بلاد الشام يقول: إنه أمير المؤمنين.
فهنا نبايع واحداً فقط، ومن الممكن أن يقول أمير الشام لأمير المغرب: أنت لست أمير المؤمنين، إنما البيعة الشرعية لي، ويقهره ويحمله على أن يكون مطيعاً له، مما جعل بعض أهل العلم يقولون رفعاً للفساد وحقناً للدماء: تجوز البيعة لأكثر من إمام إذا تباعدت ديارهم، وإن لم يكن الأمر مشروعاً في أصله.