للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[شرح الأحاديث في مقتل عبد الله بن سهل ودية الرسول صلى الله عليه وسلم له من عنده]

قال: [وحدثنا القواريري حدثنا بشر بن المفضل -وهو ابن لاحق الرقاشي أبو إسماعيل البصري - حدثنا يحيى بن سعيد عن بشير بن يسار عن سهل بن أبي حثمة عن النبي صلى الله عليه وسلم: نحو هذا الحديث وقال في حديثه: (فعقله رسول الله صلى الله عليه وسلم من عنده)] أي: أعطاه العاقلة من عنده.

يعني: الدية.

ولم يقل في حديثه: فركضتني ناقة.

حدثنا عمرو بن الناقد، حدثنا سفيان بن عيينة (ح) وحدثنا محمد بن المثنى حدثنا عبد الوهاب -وهو ابن عبد المجيد الثقفي - جميعاً عن يحيى بن سعيد عن بشير بن يسار عن سهل بن أبي حثمة بنحو حديثهم].

[حدثنا عبد الله بن مسلمة بن قعنب القعنبي حدثنا سليمان بن بلال عن يحيى بن سعيد عن بشير بن يسار: (أن عبد الله بن سهل بن زيد ومحيصة بن مسعود بن زيد الأنصاريين ثم من بني حارثة خرجا إلى خيبر في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي يومئذ صلح، وأهلها يهود)] وهذا الصلح مع اليهود لم يتم إلا بعد فتح خيبر.

وهذا يدل على أن هذه الحادثة إنما حدثت في مدة الصلح التي كانت بين المسلمين وبين اليهود: أن يزرع اليهود خيبر على أن يكون للمسلمين نصيب من هذا الثمر، فهذه الحادثة تمت في مدة الصلح الذي كان بين اليهود والمسلمين.

قال: [(فتفرقا في حاجتهما، فقتل عبد الله بن سهل فوجد في شربة مقتولاً)] والشربة هي: الحوض الصغير بجوار النخل، [(فدفنه صاحب)] الذي كان معه هو محيصة.

[(ثم أقبل إلى المدينة -أي: رجع إلى المدينة- فمشى أخو المقتول عبد الرحمن بن سهل ومحيصة وحويصة إلى النبي صلى الله عليه وسلم فذكروا لرسول الله صلى الله عليه وسلم شأن عبد الله وحيث قتل فزعم بشير وهو يحدث عمن أدرك من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال لهم: تحلفون خمسين يميناً وتستحقون قاتلكم)] أي: لو أنكم حلفتم خمسين يميناً على واحد منهم لأتينا به لتقتلوه قصاصاً.

[(قالوا: يا رسول الله! ما شهدنا ولا حضرنا.

فزعم أنه قال: فتبرئكم اليهود بخمسين)] أي: بخمسين يمين [(فقالوا: يا رسول الله! كيف نقبل أيمان قوم كفار، فزعم بشير أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عقله من عنده).

وحدثنا يحيى بن يحيى أخبرنا هشيم عن يحيى بن سعيد عن بشير بن يسار: (أن رجلاً من الأنصار من بني حارثة يقال له: عبد الله بن سهل بن زيد انطلق هو وابن عم له يقال له: محيصة بن مسعود بن زيد) وساق الحديث بنحو حديث الليث بن سعد إلى قوله: (فوداه رسول الله صلى الله عليه وسلم من عنده).

قال يحيى: فحدثني بشير بن يسار قال: أخبرني سهل بن أبي حثمة قال: لقد ركضتني فريضة من تلك الفرائض بالمربد].

والفرائض هنا: جمع فريضة، والفريضة هو الشيء المحدد بتحديد الشرع، فرض الله صلاة الظهر أربع ركعات.

أي: حدد الله تعالى عدد ركعات الصلاة بأربع، وفرض الله عز وجل على كل مسلم رجل أو امرأة، عبد أو حر، كبير أو صغير، صدقة الفطر صاعاً من تمر، أو من بر، أو من شعير، أو من زبيب، أو من أكل، ففرض بمعنى حدد، وفرض الله عليكم الصلاة، والزكاة، والصيام، والحج، أي: حدد الله عز وجل لكم هذه الفرائض.

فقوله هنا: لقد ركضتني فريضة أي: بعير من الإبل المحددة لهذه الدية، وليس الفريضة بمعنى الهرمة كما في قوله تعالى: {لا فَارِضٌ وَلا بِكْرٌ عَوَانٌ بَيْنَ ذَلِكَ} [البقرة:٦٨]، لا فارض بمعنى الهرمة، ولا بكر بمعنى الصغيرة، فهناك فارق بين الفارض والفريضة، فالفارض الهرم، والكبير، والعجوز، أما الفريضة فهي الشيء المحدد بتحديد الشرع، فهو يريد أن يقول: أن بعيراً من إبل الدية قد رفسني وركضني في موضع من بدني، وهذا الذي ركضني إنما هو من إبل الدية.