للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[شرح حديث: (إن أهل الجنة يأكلون فيها ويشربون ولا يتفلون)]

قال: [حدثنا عثمان بن أبي شيبة وإسحاق بن إبراهيم -واللفظ لـ عثمان - قال عثمان: حدثنا، وقال إسحاق -وهو ابن إبراهيم المعروف بأنه: ابن راهوية - أخبرنا جرير عن الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابر، قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (إن أهل الجنة يأكلون فيها ويشربون)].

إذاً: في الجنة أكل وشرب.

وبعض الناس يقول: نعيم الجنة نعيم معنوي، وهذا خبل وجنون؛ لأن النعيم المعنوي لا يؤكل ولا يشرب، والنعيم المعنوي هو كما أن لو أن واحداً الآن دخل إلينا وألقى إلينا خبراً جميلاً سررنا به، هذا بلا شك يحدث عندنا لذة سماع الأخبار الطيبة والمبشرات، فلا شك أنه قد حصل اللذة بسماع الأخبار فهذه لذة معنوية وليست محسوسة مادية، ولذلك نعيم الجنة حسي ومعنوي، وهذا مذهب أهل الحق أهل السنة والجماعة أن نعيم الجنة حسي ومعنوي، ورؤية الله عز وجل في الجنة في يوم المزيد الذي تسميه بعض النصوص أنه يوم الجمعة نعيم معنوي، والرؤية حقيقة لله عز وجل، لكن إذا أثبتت النصوص أننا نأكل في الجنة ونشرب فكيف نأكل معنوياً ونشرب معنوياً؟! لابد أن نأكل شيئاً محسوساً، وفي الجنة لو أن واحداً في يده رمانة أو تفاحة فأكل نصفها واشتهى قبل إتمام النصف الثاني نوعاً آخر من الفاكهة لتحول النصف الذي في يده الذي لم يؤكل بعد من التفاح رماناً؛ لأنه اشتهى الرمان، وهذا شيء عجيب، الواحد منا إذا اشتهى شيء في الدنيا أتى منه بكيلو باثنين كيلو، وإذا اشتهى شيئاً آخر لا يقربه حتى يمر على الشيء الأول يوم يومين أسبوع أسبوعين على حسب حالته، لكن في الجنة إذا كان في يدك مانجو مثلاً فأنت أكلت منه حتى شبعت فتمنيت لو أكلت رماناً فما تبقى في يدك من مانجو يتحول إلى رمان في يدك، فنعيم الجنة لا يمكن أن يقاس عليه نعيم الدنيا، كما قال ابن عباس: ليس من تشابه بين نعيم الجنة ونعيم الدنيا إلا في الأسماء.

هذا اسمه رمان وهذا رمان، ولكن شتان ما بين طعم هذا وطعم ذاك، وبين حقيقة هذا وحقيقة ذاك.

قال: [(إن أهل الجنة يأكلون فيها ويشربون ولا يتفلون، ولا يبولون، ولا يتغوطون، ولا يمتخطون.

قالوا: فما بال الطعام؟)].

يعني: سؤال يحتاج إلى جواب، أنت يا رسول الله الآن تقول: هم يأكلون ويشربون، لكنهم لا يتغوطون ولا يبولون، إذاً: الطعام هذا أين يذهب؟ قال: [(قال: جشاء)].

والجشاء هو الريح الذي يخرج من الفم مع الصوت عند الشبع، فهذا اسمه الجشاء، وهذا في الدنيا عيب، وفي الآخرة ليس عيباً؛ لأن هذه الوسيلة التي يتخلص بها من دخل الجنة من بقية طعامه، أو هذه أحد الوسائل للتخلص من الطعام.

وجاء في حديث آخر: (فتجرع أو تكرع رجلاً بين يدي النبي عليه الصلاة والسلام وقال: إليك عنا يا فلان فإنما الجشاء من الشبع).

[(قال: جشاء، ورشح كرشح المسك، يلهمون التسبيح والتحميد كما يلهمون النفس)]-وفي رواية قال: (كرشح المسك) -.