وقد اتفق أهل السنة والجماعة على أن الصحابة كلهم عدول بتعديل الله عز وجل لهم، وبتعديل الرسول صلى الله عليه وسلم لهم.
ونحن نذكر تراجم الرواة؛ لأنهم يخضعون لقواعد علم الجرح والتعديل من تعديل وجرح، وأما الصحابة رضي الله عنهم فإنهم مبرءون من هذا؛ لأنهم عدول قولاً واحداً، إلا ما يقوله الرافضة عليهم من الله ما يستحقون من تكفير جل الصحابة إلا سبعة أو تسعة أو خمسة عشر؛ فقد كفروهم وأخرجوهم عن ملة الإسلام، فعجباً كل العجب لمن سب صحابياً فضلاً عن أن يكفره أو يخرجه من الملة، والنبي عليه الصلاة والسلام أوصى خيراً بأصحابه، فقال:(لا تسبوا أصحابي، فوالذي نفسي بيده لو أنفق أحدكم مثل أحد ذهباً ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه).
وكفى بالصحابة فخراً وجلالة أنهم تحملوا الكثير من الصعاب في نقل هذا الدين إلينا، وخاضوا لأجله الحروب، وسفكت دماؤهم وانتهكت أعراضهم، وتخلفوا عن زوجاتهم وأهليهم، وقتل أبناؤهم لأجل هذا، وضحوا بكل ذلك في سبيل إعلاء هذا الدين، فكيف يأتي بعد ذلك من بعدهم من يقول فيهم قولاً سيئاً فضلاً عمن يكفرهم ويخرجهم من الملة؟! ألا لعنة الله تعالى على الكافرين.
والتعرض لذكر شيء من مناقب الصحابة أمر يطول، وقد سمعت شيخاً تكلم عن مناقب عمر ستة أشهر على المنبر، فكيف نتكلم نحن عنه الآن؟ ولكن يكفينا قول واحد، وهو أنه إذا ذكر عمر بن الخطاب ذكر العدل كله، وذكر الإنصاف كله، وذكرت القوة كلها، وذكر دحر الأعداء دحراً شديداً ورفع راية الإسلام عالية خفاقة، هذا قول مجمل في عمر.
وأما ولده عبد الله فإنه من أكثر الناس رواية عن النبي عليه الصلاة والسلام بعد أبي هريرة رضي الله عنه، وقيل: إنه مقدم في الرواية على عائشة، وقيل: إن عائشة مقدمة عليه من حيث الكثرة، والأمر محل خلاف بين أهل العلم.
وقد كان من أشد الناس تمسكاً بسنة النبي عليه الصلاة والسلام، حتى أنه كان يحاكيه فيما هو خاص من عادته صلى الله عليه وسلم، يعني: سنن العادة التي لم يكلف بها ولم تكلف بها الأمة كان عبد الله بن عمر يأخذ نفسه بها، فإذا سار في طريق سار فيه من قبل مع النبي عليه الصلاة والسلام كان يحاكي ويصنع مثلما كان يصنع النبي صلى الله عليه وسلم، وهو غير مكلف بذلك، ولكنه كان يحب أن يحاكي النبي صلى الله عليه وسلم في كل شيء.