كتاب الفرائض هو كتاب في المواريث، والوصايا المتعلقة بالمورث، وكذلك بتركته؛ ولذلك قال العلماء من أهل اللغة: الفرائض: جمع فريضة، وهي من الفرض، والفرض هو: التقدير المحدد شرعاً، يقال: فرض الله كذا، بمعنى: حدَّ الله كذا، أي: جعل هذا الفرض حدًّا محدداً في الشرع لا يحل لمن حدد لأجله أن يتعداه، ومن تعداه فقد ظلم نفسه، وعرَّض نفسه للعقوبة في الدنيا والآخرة.
ويقال للعالم بالفرائض، أو لمن مهر في هذا العلم وفي هذا الفن: فرضي، كما كان يقال ذلك لـ زيد بن ثابت، إذ كان أفرض أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام، ومن بعده علي بن أبي طالب، ومن بعدهما عمر بن الخطاب رضي الله عنهم.
وأريد أن أقول لك: إن هناك بعض العلوم كانت علماً على أصحابها، وبعض الأشخاص كانوا علماً على بعض العلوم، وكثير من أصحابه عليه الصلاة والسلام كانوا علماء في كل شيء، وفي كل فرع من فروع العلم، لكنَّ أحدهم كان يبرز في علم معين، فمثلاً: حذيفة بن اليمان كان بارزاً فيما يتعلق بعلم الفتن وأشراط الساعة وغيرها.
وكذلك زيد بن ثابت كان أفرض الأمة في زمن النبي عليه الصلاة والسلام.
وأما الإرث في الميراث فقال المبرد: أصله العاقبة؛ لانتقاله من شخص إلى آخر.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا يحيى بن يحيى، وأبو بكر بن أبي شيبة، وإسحاق بن إبراهيم -يعني ابن راهويه، واللفظ لـ يحيى، قال يحيى: أخبرنا، وقال الآخران: حدثنا ابن عيينة -وهو سفيان بن عيينة - الزهري، عن علي بن حسين، عن عمرو بن عثمان، عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(لا يرث المسلم الكافر، ولا يرث الكافر المسلم)].
وفي رواية:(لا يتوارث أهل ملتين شتى)، يعني: مختلفتين، وبعض أهل العلم يضعف هذه الرواية، وهي عند أبي داود وابن ماجه من حديث عبد الله بن عمرو، ولها شاهد عند الترمذي من حديث جابر.
قال النووي رحمه الله تعالى:(أجمع المسلمون على أن الكافر لا يرث المسلم، وسواء كان كفراً أصلياً أو كفراً طارئاً؛ كمن ارتد من المسلمين، فلو أن ولداً بالغاً ارتد عن الإسلام فإنه لا يرث أباه المسلم.
كما أن الرجل لو أسلم وبقي أولاده على الكفر، كأن بقوا على النصرانية مثلاً، أو على اليهودية، أو أياً كانت ملتهم غير ملة الإسلام؛ فإنهم لا يرثونه إجماعاً).