[شرح حديث:(لو يعلم المؤمن ما عند الله من العقوبة)]
قال: [حدثنا يحيى بن أيوب وقتيبة وابن حجر جميعاً، عن إسماعيل بن جعفر، قال ابن أيوب: حدثنا إسماعيل، أخبرني العلاء، عن أبيه، عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:(لو يعلم المؤمن ما عند الله من العقوبة ما طمع بجنته أحد)].
أي: لو يعلم المؤمن الذي وجبت له الجنة ما عند الله من العقوبة ومن العذاب وما أعد لأهل النار فيها، ما طمع في جنة الله عز وجل، بل لتمنى أن ينجو من النار ومن العذاب، حتى وإن لم يدخل الجنة.
قال: [(ولو يعلم الكافر ما عند الله عز وجل من الرحمة ما قنط من جنته أحد)].
وهذا في حق الكافر، وهو على عكس ما هو في حق المؤمن.
وقد ذُكر عن الحافظ ابن حجر رحمه الله في ترجمته عندما كان قاضي القضاة في مصر: أنه مر في سوق التجار، فخرج إليه رجل يهودي كان يعمل في بيع السمن والزيت، ومعلوم أن مثل هذه الأعمال تتسخ ملابس وأبدان أصحابها، فخرج إليه ذلك اليهودي وقال له: يا قاضي القضاة! أنتم تزعمون أن نبيكم قال: (الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر)، ألا ترى ما أنا فيه، وما أنت فيه؟! وكأنه أراد أن يقول له: هذه الحال الذي أنا وأنت فيه إنما يخالف خبر نبيكم صلى الله عليه وسلم، فقال الحافظ ابن حجر عليه رحمة الله: إن ما أعده الله لي إذا دخلت الجنة بالنسبة لي الآن في سجن، وما أعده الله عز وجل لك في الآخرة من عذاب فأنت بالنسبة له الآن في جنة، رغم منظرك ومخبرك، لكن أنت الآن في رحمة عظيمة جداً بالنسبة لما أعد لك في الآخرة؛ لأنك في الآخرة ستخلد في نار جهنم، فأنت الآن تعيش في ظل رحمة الله، تأكل، وتشرب، وتضحك، وتعمل كل شيء، أما في الآخرة فليس لك شيء من ذلك، فأسلم هذا اليهودي.