للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[حكم السعي بين الصفا والمروة]

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن والاه وبعد: قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب بيان أن السعي بين الصفا والمروة ركن لا يصح الحج إلا به].

فالسعي بين الصفا والمروة ركن من أركان الحج، لا يصح إلا بالإتيان به؛ لأن الركن داخل في ماهية الشيء، وفي تكوينه وأساسه بخلاف الواجب، فإن الواجب يجبر بدم، كالمبيت بمنى في أيام التشريق فإنه واجب، فمن حج ولم يبت بمنى في هذه الليالي فإن عليه دماً؛ لأنه لابد أن تعرف أن أي واجب يقصر فيه الحاج يجبر بدم، وأي ركن في الحج يقصر فيه بمعنى لا يأتيه ألبتة فإنه يبطل به حجه.

فقوله: باب بيان أن السعي بين الصفا والمروة ركن لا يصح الحج إلا به، يعني: من لم يسع لا حج له، وهذا السعي في حق المتمتع مرتان: مرة مع العمرة، ومرة مع الحج.

يعني: يطوف ويسعى بين الصفا والمروة، ويحلق ويتحلل؛ لأنه لا يتحلل قط معتمر إلا بعد السعي بين الصفا والمروة.

أما القارن فله أن يطوف بالبيت ويصلي ركعتين، ثم يرجع إلى الحجر فيقبله، أو يستلمه، أو يشير إليه مكبراً، ولا يسعى بين الصفا والمروة، ولا يحلق، ثم ينطلق يوم التروية إلى منى فيؤدي الحج، لكنه في يوم النحر إذا نزل إلى مكة وجب عليه أن يطوف بالبيت، وأن يسعى بين الصفا والمروة.

إذاً: القارن ليس عليه من الوجوب إلا سعي واحد بين الصفا والمروة، فإن فعل هذا السعي بعد طواف القدوم، أو بعد طواف العمرة، فليس عليه سعي في يوم النحر، وإنما يطوف بالبيت فقط.

وإذا لم يأت به في أداء عمرته، فيجب عليه أن يأتي به في يوم النحر على الخلاف المذكور.

فالذي لا يطوف ولا يسعى في يوم النحر، وتحلل بأداء المنسكين: رمي جمرة العقبة والذبح، أو الحلق فله أن يتحلل، وهذا المعلوم عند أهل العلم بالتحلل الأصغر الذي يحل له كل شيء إلا النساء؛ لأن حل النساء هو التحلل الأكبر.

ولا يحل له النساء إلا بعد الطواف والسعي، فإذا طاف وسعى وأتى منسكين آخرين حل التحلل الأكبر، بمعنى: كل شيء يحل له كان حراماً عليه في حال إحرامه حتى النساء، والذي لا يطوف في نهار النحر، ودخل عليه الليل ولم يطف وأراد أن يطوف بالليل، أو أن يطوف في اليوم الثاني أو الثالث أو الرابع وهي: أيام التشريق، فيجب عليه أن يلبس ملابس الإحرام من جديد.

لكن الشيخ عادل العزازي حفظه الله راجعني في هذه القضية وقلت له: أنا ظننت أن هذه المسألة مستقرة عندك؛ لأننا تلقيناها عن الشيخ الألباني، والشيخ الألباني صاحب دليل فيها، وإن لم يقل فيها أحد من أهل العلم السابقين قبله بقول، إلا ما ورد إشارة عند النووي في شرح الصحيح في شرح حديث جابر الطويل في صفة حجه عليه الصلاة والسلام.

ولكن الشيخ الألباني وقف عندها وأكد عليها وساق لها الدليل، أن من أدركه الليل في يوم النحر ولم يطف ولم يسع فعليه الإحرام، والحديث صحيح.

ولكني حاولت مراراً وبذلت جهداً جهيداً أنا وإخواني الذين يهتمون ويعنون بكتب التراث للحصول على نسخة كتاب: مناسك الحج والعمرة للشيخ الألباني، ولكن للأسف الشديد لم نجد الكتاب إلى الآن.

فهذه المسألة من أراد أن يرجع إليها بالتفصيل فليرجع إلى كتاب: مناسك الحج والعمرة للشيخ الألباني.

وهذه قضية مهمة؛ لأن كثيراً من الناس يغفل عنها، بل ربما لا يعرفها من الأصل، فإن الذي لم يطف ولم يسع في يوم النحر عليه أن يلبس ملابس الإحرام إذا جن عليه الليل، والذي نقل هذا الكلام إلى الشيخ عادل لم يذكر له أني قلت: إذا جن عليه الليل.

فظن الشيخ أنني ألزم الناس بلبس ملابس الإحرام في كل وقت، وفي كل حين حتى في نهار النحر قلت: أنا لم أقل هذا، وما آفة الأخبار إلا رواتها، قلت: أنا لم أقل هذا وحاكمني الشيخ عادل، ولكني قلت له: بيني وبين القوم الشريط والكلام مسجل، وهو أني قيدت ذلك بدخول الليل، فاشترطت دخول الليل.