وعن البراء بن عازب قال:(وكان إذا احمر البأس يتقى به) أي: كان إذا احمر البأس وحمي الوطيس واشتدت الحرب احتموا بالنبي عليه الصلاة والسلام.
قال:(وإن الشجاع الذي يحاذى به).
فـ البراء بن عازب هنا يصف النبي صلى الله عليه وسلم بأنه شجاع، بدليل أنه كان إذا حمي الوطيس احتموا بالنبي عليه الصلاة والسلام، ولا يحتمى إلا بالشجاع.
وهذا قد ورد عن علي بن أبي طالب أنه قال:(لقد رأيتنا يوم بدر ونحن نلوذ -أي: نلجأ ونحتمي- برسول الله صلى الله عليه وسلم وهو من أقربنا إلى العدو) أي: أنه لا يرجع إلى الخلف ولا يهرب.
ومعنى هذا: بأنه كان أشجع الناس، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا سمع نفيراً أو صوتاً غير عادي بالليل انطلق تجاهه، وذات مرة تبعه الصحابة، فوجدوا النبي صلى الله عليه وسلم قد رجع من جهة الصوت يقول:(لا عليكم لا عليكم).
عن البراء:(أن رجلاً قال له: أفررتم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين؟ قال البراء: لكن رسول الله لم يفر.
إن هوازن كانوا قوماً رماة، وإنما حينما حملنا عليهم انهزموا، وإن القوم أقبلوا على الغنائم، فلقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم على بغلة بيضاء، وأبو سفيان بن الحارث آخذ بلجامها وهو يقول: أنا النبي لا كذب أنا ابن عبد المطلب).
وأنتم تعلمون أن التعبيد في أسماء الله تعالى الحسنى لا يكون إلا بالثابت منها، وليس من أسماء الله المطلب، فما بال النبي صلى الله عليه وسلم يقر ذلك فيقول: أنا ابن عبد المطلب؟
الجواب
أن ذلك كان في الجاهلية قبل ميلاد النبي صلى الله عليه وسلم وقبل مبعثه من باب أولى، فأقر النبي عليه الصلاة والسلام على ما كان واقعاً ومعروفاً أنه ابن عبد المطلب سواء كان خطأ أو صواباً، لكنه ليس من فعل النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما أراد أن يقرر واقعاً وأنه ابن المعروف بعبد المطلب.
وذهب جماهير العلماء إلى أنه لا يجوز التعبيد لله عز وجل إلا بالثابت من أسمائه إلا عبد المطلب للنبي عليه الصلاة والسلام لا لغيره.