قال الإمام النووي:(قوله: (ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم الغلول فعظّمه وعظّم أمره).
قال: هذا تصريح بغلظ تحريم الغلول)، ومعنى: غلظ.
أي: ينقله من كونه صغيراً إلى الكبير.
أي أن كلمة الزجر الشديد أو علامة الزجر الشديد أمارة على أن الفعل المنهي عنه كبيرة من الكبائر، كما لو جاء في الفعل عقوبة أو وعيد بالنار أو العذاب أو البراءة أو اللعن، فكون هذا علامة على أن هذا الفعل الذي ترتب عليه هذا الزجر الشديد يدل على أنه كبيرة من الكبائر.
وكذلك من علامة الكبيرة: الحد في الدنيا.
وكذلك من علامات الكبيرة: إرجاء العذاب أو العفو إلى يوم القيامة، إلى مشيئة الله عز وجل إن شاء عذّبه وإن شاء غفر له:{يُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ}[المائدة:٤٠].
فهذه وغيرها من العلامات لاعتبار هذا الفعل الذي ترتب عليه هذا العقاب أو إقامة الحد في الدنيا دليل على أن الفعل كبيرة؛ لأنه لا حد على الصغائر، وإنما الصغائر فيها التعزير، والتعزير لا يزيد عن عشر جلدات، فما ضرب النبي صلى الله عليه وسلم حداً قط أكثر من عشر جلدات في صغيرة من الصغائر.
قال:(تصريح بغلظ تحريم الغلول، وأصل الغلول في اللغة: الخيانة -والخيانة تصدق كذلك على النصب والاحتيال والسرقة والغلول وغير ذلك- ثم غلب اختصاصه في الاستعمال بالخيانة في الغنيمة) يعني: أن تقع الخيانة في الغنيمة فهذا اسمه في الشرع غلول، وفي اللغة: غلول وخيانة.
(قال نفطويه: سمي بذلك لأن الأيدي مغلولة عنه.
أي: محبوسة).
أي: حبس الشرع الأيدي أن تمتد إلى هذه الأموال ولو كانت تحت أيديها، ومعنى أن الشرع حبس الأيدي أي: منعها من تناول هذا الشيء على سبيل التملك.